يقول ديفيد هربرت:" وظيفة الفن هي كشف العلاقة بين الإنسان وبيئته"، وتتجلى هذه العلاقة بمفهومها الأوسع والاشمل لمضامين الداخل والذات عند التشكيلية تغريد البقشي التي تصف نفسها (إنسان) بدلاً من "فنان"، لأنها ترى أنا "فنانة" تساوي "إنسان"، وذلك لما تعبر عن مجتمع النساء اللاتي يطالبن بحقوقهن وبالعدالة الاجتماعية في مجتمع الرجل.. وبعيدا عن الأعراف والتقاليد التي تبتعد عن الحقيقية تقول تغريد :" تجربتي الفنية تعبر عن هاجس أو بالأحرى فكر، يشمل مواضيع تجسد الذات الإنسانية, والهدف الذي كنت أصبو إليه، أن أحمل على عاتقي الإنسان، أعبر عنه، كونه كتلة من المشاعر، ممتدة إلى ما وراء الخطوط الحمراء, أتغلغل إلى أعماق الذات البشرية، وأبصر ما تحت الماء، فتفتح عينك وقلبك وعقلك جيداً، لكل الموجات والذبذبات التي تشكل هذا الكائن"، وتضيف:" وأنت ومن دون أن تعلم تقف متأملاً لما وراء الخط واللون، سواء كان رمادياً أم أبيضاً أم مكتظاً بألوان الفرح، ولا نستطيع التعبير عن هذا "الإنسان" وإظهار مشاعره عبر اللون والخط؛ إلا إذا كنا صادقين في ترجمة هذا الإحساس، فنعيش في فضائنا نحن، لنعبر عن الأنا والذات التي تحتوينا، وما ذواتنا وأناتنا إلا اختزال للإنسان بتمثله فينا، فعند تعبيرنا عنا، نكون عبرنا عن الآخر، والإبداع كما يراه فرويد في مدرسة التحليل النفسي، يجري في مسارب اللاوعي، فيبزغ في صفحات الوعي على شكل ومضات".. وعن رأيها في وميض الإبداع والإلهام تقول تغريد:" أنه حالة نادرة، هي التي تختار من يستحق أن يلقب بها، هو شيء محسوس صادر عن طبيعة الإنسان ذاته، شيء صادر من روحه، من مزاجه وتاريخه. «إنسان» تغريد البقشي ينتصر على الفنان!! وتؤكد تغريد أن أعمالها تعبر عنها، كونها أولاً وأخيراً "إنسان". ولأن هذا العصر يمثل عصر الحداثة في الفن التشكيلي تقول البقشي: العمل الفني أصبحت له مدرسة جديدة وهي مدرسة الفكرة فأصبحت المضامين الاجتماعية وما يلامس الفنان والمجتمع الإنساني بكل همومه وصوته المرسوم خطا ولونا يخرج خارج حدود العمل الفني ليتعداه إلى ابعد من ذلك بكثير. وتضيف :"عندما يرسم الفنان في تلك اللحظة تلك البرهة التي تساوي زمناً ممتداً لا حدود له يستشف الداخل ويهشم كل قواعد الصرامة في ذلك العالم الافتراضي يرسم ليجد السكون الذي فقده في مساحات من القلق المحبب ليستثير كل أفق إبداع ممكن". البدء يكون قبل البدء نهاية بدون نهاية فلسفة تمتهن الحير لتتمثل في جوانب قضية المرأة التي تحمل مسؤوليات حياة بأكملها. هذا وتشير البقشي أن لديها رسالة هامة تحققها من خلال اللوحة واللون هي تعبر عن المرأة، لأنها أنثى فهي تستطيع أن تمثل بنات جنسها، فالمرأة بأسلوبها التعبيري مضغوطة في حيز ضيق جدا من مساحة الحياة واللوحة، هي تقوم بجميع الأدوار . كما أشارت بمكانة المرأة السعودية وما وصلت اليه من تقدم ورقي وان مرحلة التفكير لديها ليست محدودة بنطاق العقل، بل تتعدى ذلك لتؤكد ذلك الفكر الخلاق بإرادة فاعلة وقوية لتغير من المفهوم التقليدي المأخوذ عنها، فأينما وجدت المرأة السعودية في المحافل المحلية والعالمية فهي تثير دهشة من حولها بتقدير وفخر لمكانة تستحق الإشادة.