من واجب الدولة التدخل لتنظيم السوق في حال وجود ممارسات احتكارية تؤثر على آلية العرض والطلب، كما هو حاصل هذه الأيام حيث إن وجود فقراء في المملكة يعد أمراً غير طبيعي وغير مقبول في بلد يعد من أغنى بلاد العالم، مطالباً وزارة الشؤون الاجتماعية بدراسة هذه الظاهرة بعيداً عن التنظير والمحاباة، وأرى ضبط السوق ومراقبة الأسعار، والحرص على استمرار إمدادات السلع، حتى لا يختل التوازن بين العرض والطلب ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار قد يمكن تبرير ارتفاع أسعار بعض السلع بارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، ولكن هنا لا يمكن التعميم، ويجب دراسة كل حالة على حدة. ولكن في الغالب هناك قوى احتكارية تعمل على زيادة الأسعار، كما حصل في زيادة أسعار الألبان مؤخراً، رغم أن الأرباح المعلنة لهذه الشركات لا تستدعي زيادة الأسعار، فهي أكثر من كافية وفق المعايير الاقتصادية. ومن الأسباب أيضاً ضعف جهات حماية المستهلك، سواء كجهاز حكومي أو عمل أهلي مؤسس. لا يمكن إغفال دور التجار في تكوين قوى احتكارية لرفع الأسعار تدريجياً، وسيظل هذا الوضع كما هو عليه الآن طالما كانت آليات الرقابة محدودة والجهات المعنية تعاني من نقص في كوادرها الرقابية، ناهيك عن شلل الجمعية الوطنية لحماية المستهلك التي تفرغت لمشاكلها الداخلية وتناست دورها الأساسي في موسم الصيف ورمضان وشوال، تكون هناك مناسبات دينية واجتماعية تسهم إلى حد كبير في زيادة الميل للاستهلاك. ومع ثبات دخل معظم المواطنين، نجد ما يحصل من أزمات اقتصادية يعاني منها عدد غير قليل من فئات المجتمع، والسبب الخلل بين الإنفاق والإيرادات في تلك الفترة، وسيطرة بعض العادات والتقاليد على سلوكيات المستهلك بصفة عامة، وهذه إشكالية يصعب حلها إلا بالتوعية، والأخذ بالمثل الشعبي الذي يقول «مد رجليك على قدر لحفاك». أي انفق في حدود دخلك، حتى لا تتعرض لهذه الأزمات. من المؤكد أنه ليست هناك معادلة سحرية لحل مشكلة الفقر والفقراء في البلاد. ولكن من المؤسف فعلاً أن يكون هناك فقر وفقراء في الدولة الأولى لإنتاج البترول في العالم. وهذا يعني أن هناك خللاً حقيقياً في المجتمع، وأن وجود هؤلاء الفقراء أمر غير طبيعي وغير مقبول. ولا شك أن الحكومة تقع عليها المسؤولية في الدرجة الأولى، ولكن هذا لا يعفي المجتمع برمته من المسؤولية. وأعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية مقصرة تماماً في أعمالها وعليها تقع المسؤولية الأكبر. ويفترض في هذه الوزارة أن تدرس هذه المشكلة وتتعامل معها بشفافية وتقدم لولي الأمر حلولاً عملية بعيدة عن التنظير، هناك عدم توازن واضح بين العرض والطلب. بالإضافة إلى نقص المعروض من الأراضي السكنية المخططة والصالحة للسكن، والسبب سوء توزيع الأراضي، وعدم وجود رؤية استراتيجية للقطاع، وإنشغال وزارة الإسكان في مشروعات الاسكان، ناهيك عن مشكلة التمويل وتأخر صدور نظام الرهن العقاري. كل هذه الأمور تنعكس بالضرورة على مستوى الأسعار.