كنتُ أتأمل سلة تمر أنيقة مليئة بالمكسرات الفاخرة جاءت هدية لاحدى القريبات بمناسبة شهر رمضان , وكانت مغلفة بورق شفاف بإحكام, يزينها كرت تهنئة كالعادة ولكنني ألاحظ فجأة ثمة حشرة سوداء تتحرك داخلها! ويغمرني سؤال حائر.. لماذا لم يجتهدوا في اختيار الهدية ويتأكدوا من صلاحياتها؟ هل هي ظاهرة مستدانة من عصر السرعة والزحمة والالهاء المتواصل؟ ام انه ببساطة عدم اهتمام؟ أقترب من السلة قليلا.أراقب الحركة بداخلها. وافكر, هدايا من وراء القلب ؟ ربما يكون صحيحا ان تأملنا هرولة الحياة العصرية ومدى الثقة التي نبديها للمحلات بشكل عام دون تدقيق عند الشراء, ومع ذلك فالحالة غير مقبولة. وأخذتني ذكرى موقف مشابه حدث لي مع صديقة قديمة حيث كنا على موعد لزيارة صديقة اخرى بمناسبة ما, فاقترحت رفيقتي ان نشتري هدية واحدة بيننا وقبلت. وعندما سألتها من اين نأتي بها ذكرت احدى محلات الشوكولاته الحديثة في المدينة ولكنني اعترضت وقلت لها انه ليس جيدا وقد جربناه ولم يعجبنا فكيف نقدمه كهدية؟ كنا نتكلم على الهاتف (الثابت تلك الايام) وقد تخيلت كيف هزت كتفيها بعدم مبالاة حينما اجابت بما معناه" لايهم المكان المهم تأدية الواجب". ولم أقتنع بالطبع, فمنطق الهدية او الضيافة بشكل عام ان تكون لائقة، وانعكاساً لذوق واهتمام المعطي حتى ولو كانت بسيطة او غير غالية الثمن. المهم ان تحمل هدايانا رسائل اهتمام ومودة كما نتوقعها ان تكون.. ولكن ماذا تقول عن وجود حشرة تمرح داخل سلة تمر مغلفة ؟ تأثرت كأي أم من قراءة الخبر المنشور في جريدة الرياض منذ ايام عن دراسة بريطانية جديدة تؤكد أن ارسال اطفال ورضع إلى مراكز العناية - اي الحضانة - قد يرفع عندهم معدلات هرمون الاجهاد (الكورتيزول) ويتسبب لهم بأمراض القلب! وكانت دراسة المانية قد توصلت من قبل إلى تسبب ازدياد هرمون التوتر في اعمار صغيرة - مثل ارسال الاطفال قبل عمر الثلاث سنوات إلى الحضانة - إلى تكوين ميول عدوانية لديهم عندما يصلون إلى سن المراهقة. وفي التفاصيل ان صحيفة الديلي ميل البريطانية ذكرت عن الباحث بمنظمة رويال سوسايتي اوف ميديسين الطبية البريطانية تحذيره من ان إرسال الاطفال لفترات طويلة إلى الحضانات ليعتني بهم غرباء في سنوات عمرهم الاولى, من شأنه ان يرفع معدلات هرمونات الاجهاد عندهم ما قد يتسبب لهم لاحقا بأمراض القلب. كما تبين أن الاطفال الذين يحرمون من الرعاية الكافية من أمهاتهم خلال السنوات الاولى من حياتهم حيث الدماغ ينمو, قد يجدون صعوبة في صنع علاقات عند الرشد. غير ما لفت الانتباه في هذه الدراسة حقيقة، هو ما ذكره الباحث من أن التشديد على حقوق المرأة , وحق عودتها للعمل بعد ان تصبح أماً,يعني تجاهل الاخطار المحتملة للاطفال لعدم رعايتها لهم اثناء النهار ,والوضع بصراحة دون دراسات أو ابحاث يحتاج التأمل. فأيهما أهم , تحقيق المرأة ذاتها اولا، ام اهتمامها ورعايتها لابنائها الصغار وهم في مرحلة الطفولة المبكرة ؟