لم تكد تمرّ أيام قليلة على تدهور العلاقات الإسرائيلية - التركية إلا وقد وقعت عملية اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة والتى أفضت بدورها إلى تولّد شعور لدى تل أبيب بأن العلاقات الإستراتيجية التي كانت تربطها بكلا الطرفين في طريقها إلى زوال. فمن يراقب عن كثب التقارير الواردة من تل أبيب يلاحظ جيداً أن هناك خوفاً بدأ يسري في الجسد الإسرائيلي من تدهور العلاقات مع القاهرةوأنقرة، والأكثر من ذلك كان الإعلان عن بدء زيارة رئيس الحكومة التركية للقاهرة وهو الأمر الذي اعتبره المراقبون في إسرائيل بمثابة خطوة تصعيدية - انتقامية ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي استبعدته مصادر دبلوماسية مصرية في الوقت الذي حذر فيه مسؤولون إسرائيليون من قيام تحالف بين تركيا ومصر، وأنه قد يؤدى إلى عزل إسرائيل في منطقة المتوسط، وذلك إثر الخلافات التركية - الإسرائيلية، التي دفعت أنقرة لاتخاذ قرار تجميد العلاقات التجارية والعسكرية مع تل أبيب، وطردت السفير الإسرائيلي من أنقرة. صحيفة هآرتس من جانبها رأت أن تركيا تسعى الآن الى إقامة تحالف استراتيجي مع مصر في وقت تشهد علاقات اسرائيل مع البلدين تدهورا ملحوظا، وحذرت الصحيفة من ان زيارة اردوغان تأتي في وقت تتوسع الازمة القائمة بين تركيا واسرائيل التي ترفض الاعتذار عن هجومها الذي استهدف سفينة "مافي مرمرة" التركية العام الماضي واسفر عن مقتل عدد من المواطنين الاتراك , مشيرة إلى أن مخاوف تل أبيب تتمثل في احتمالات أن تسفر الزيارة عن التوصل لاتفاقيات تشمل التعاون الاستراتيجي بين البلدين في قضايا سياسية وعسكرية اضافة الى تطوير مختلف جوانب العلاقات بينهما. ورأت "هآرتس" "ان هذه التحركات تأتي فيما تزداد الازمة مع اسرائيل عمقاً التي نتجت عن إصدار لجنة "بالمر" التي عينتها الاممالمتحدة تقريرها الخاص بالغارة الاسرائيلية على سفينة مافي مرمرة التركية , وقالت "ان تسريب التقرير الى احدى الصحف الامريكية قبل إصداره رسميا من قبل الاممالمتحدة أحبط محاولات اللحظة الاخيرة التي بذلت من اجل رأب الصدع بين البلدين والمتواصل منذ الهجوم على السفينة في نهاية شهر مايو من عام 2010 , مشيرة إلى انه بعد طرد السفير الاسرائيلي من تركيا دعا مواطنون مصريون حكومة بلادهم الى اتباع الخطوة ذاتها في القاهرة وكذلك تغيير اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة مع اسرائيل بما يسمح بزيادة عدد القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء. على جانب آخر كانت العلاقات المصرية - التركية قد شهدت فيما مضى جموداً، في ضوء تخوف النظام المصري السابق من تمدد النفوذ التركي في المنطقة، والترويج المحلى بأنه سيكون على حساب الدور المصري، لكنّ تنحي الرئيس السابق حسنى مبارك، أسهم في زيادة التقارب وتحسن العلاقات بين البلدين ، ويرى محللون أن تعاونًا وتفاهمًا استراتيجيًا بين تركيا ومصر، من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ويعيد بناء منظومة إقليمية في الأمن والاقتصاد والسياسة، كما يسهم في الحد من التسويف الإسرائيلي في إهدار فرص السلام والمبادرات المتاحة، وما يدعم هذا التوجه هو التطورات الايجابية التي خلفتها التطورات الأخيرة في مصر، إلى جانب الواقعية السياسية للحكومة التركية، المحكومة بالحرص على دولة مدنية بمرجعية إسلامية، ونجاحها سياسيا واقتصاديا في تحقيق نفوذ إقليمي ودولي. التحرك التركى صوب القاهرة جاء من خلال رؤية إستراتيجية تركية تراهن على تعزيز العلاقات مع المحيطين العربي والإسلامي؛ حيث بدأت تركيا مؤخراً تنشط في تعزيز علاقاتها العربية، وتمكنت من نسج علاقات تفاهم استراتيجية مع الرياض وكذلك هناك توقعات بأن تسفر جولة رئيس الوزراء التركي التي يزور خلالها تونس وليبيا عن نتائج مماثلة.