لو دققنا في كل الأزمات التي تمر بنا لوجدنا أنها تعود لسبب بسيط يتعلق بالإدارة وغياب الرقابة على دقة تطبيق الأنظمة والأوامر والتعليمات التي تنظم قطاعاتنا او تصدر لمعالجة أزماتنا، فنحن نجتهد في صياغتها ونعتقد أن القرارات التي تُتخذ كفيلة بإنهاء المشكلة ونتناسى مع تعدد أزماتنا وفشل حلولها بأن الإدارة التنفيذية التي نُهمل دورها هي من يقع عليها الجزء الأكبر والمهم في تجاوز كل أزمة! فعندما صدر الأمر الملكي الكريم في 2/7/1432ه بالموافقة على الخطة التفصيلية والجدول الزمني للحلول العاجلة والمستقبلية لمعالجة تزايد خريجي الجامعات المعدين للتدريس وحاملي الدبلومات الصحية والتي كان من ضمنها "كحلول عاجلة وخلال مدة شهرين" رفع الحد الأدنى لرواتب المعلمين والمعلمات بالمدارس الأهلية الى (5000) ريال وبتحمل صندوق تنمية الموارد البشرية (50%) من الراتب لمدة (5) سنوات، كان الجميع يعتقد بان مشكلة معلمي ومعلمات تلك المدارس قد حُلت وبدون تحمل الأسر لأي تكاليف مالية بسبب ذلك، إلا انه بسبب معرفة ملاك المدارس الأهلية بواقع العمل الحكومي وإجراءاته سارعوا- بعد انتهاء الاحتفالية- برفع أسعار الرسوم الدراسية بنسب عاليه وتبرير ذلك برفع رواتب المعلمين والمعلمات، وليصبح الجميع أمام أزمة كبيرة تخلت فيها الجهة المختصة بالإشراف عليها عن مسؤولية الرقابة على رفع الرسوم، معللة ذلك بان لائحة المدارس الأهلية لم تخول للوزارة التدخل في تحديد الرسوم، وكأن تلك اللائحة أُعدت من ملاك المدارس الأهلية!! والمشكلة انه على الرغم من رفع الأسعار وصمت الجهات الرقابية لم ترفع المدارس الأهلية رواتب معلميها ومعلماتها! ولم تتحرك أي جهة لمتابعة سرعة إنفاذ الأمر الملكي خلال الشهرين! وإذا أردنا بحث هذه المشكلة بموضوعية أكثر مع ملاك المدارس سنكتشف أنها مشكلة إدارية وتتعلق بتوقيت صرف الصندوق ل (50%) من الرواتب، لكون آلية الصندوق الحالية عند دعمه لتوظيف المواطنين ببعض الشركات وتحمله لنسبة (50%) من رواتبهم تعتمد على صرف تلك النسبة للشركات خلال فترات غير محددة ولا يقوم الصندوق بصرفها مباشرة لحسابات الموظفين بتلك الشركات، وهو ما تسبب في ظهور حالات احتيال وتلاعب من قبل بعض الشركات بعقود غير صحيحة لكون الرواتب لا تصرف مباشرة للموظفين! ويرى ملاك المدارس بان تلك الطريقة إذا طبقت بالمدارس الأهلية ستُجبر المدارس على توفير سيولة نقدية كبيرة شهريا بكامل رواتب المعلمين والمعلمات بعد الزيادة ليتم صرفها لهم من حساب المدارس، في وقت لا يعلم فيه ملاكها متى سيصرف الصندوق للمدارس قيمة ال (50%) من رواتب معلميها؟ فوفقا لمانشر.. فالصندوق أفاد الغرفة التجارية بأنه لا توجد آلية حتى الآن، وانه إذا صدر جديد يتعلق بالآلية الجديدة ستبلغ المدارس الأهلية لتطبيقها! أليس ذلك التباطؤ في إعداد آلية تحمل الصندوق لنصيبه من الرواتب ( التي حدد الأمر الكريم مدة شهرين للتنفيذ) يأتي لمصلحة الصندوق بتحميل الأسر لتكاليف مالية بدلا عنه؟ وقد يتساءل البعض عن الإجراء الإداري الذي كان يجب عمله لعدم حدوث تلك الأزمة واستغلال ملاك المدارس لذلك، والجواب بكل بساطة أن الأمر الملكي كان واضحا وأتى كموافقة على توصية لجنة عليا درست الموضوع قبل الرفع به، وتعلم كم عدد المعلمين والمعلمات والتكلفة المالية الإجمالية التي سيتحملها الصندوق شهريا وكيف سيتم تدبيرها لكون اللجنة اقترحت مدة الشهرين لتنفيذه، وكل ما في الأمر هو إجراء إداري بإبلاغ جميع المدارس الأهلية بأن الصندوق سيلتزم بإيداع (50%) من رواتب المعلمين والمعلمات بحساباتهم البنكية مباشرة شهرياً اعتبارا من شهر شوال 1432ه وأن المدارس ليست مسؤولة عنها وينحصر دورها في تزويد الصندوق بنسخة من العقود بالرواتب الجديدة وأرقام حسابات المعلمين والمعلمات، فهنا سنزيل الضبابية أمام آلية التنفيذ لهذا الأمر ونُبعد المواطن والمدارس عن مشاكل تمويل الصندوق، ولن يكون هناك مبرر لرفع الرسوم الدراسية والتي يجب أن تُفعل الرقابة عليها ومن جهات عليا لعدم استغلال أمر ملكي صدر لمصلحة المعلمين والمعلمات وأكد على عدم تأثر الأسر السعودية والمقيمة من ذلك بتحميل الصندوق ب (50%) من الحد الأدنى من الرواتب! ولكن أمام تجاهل الضرر الذي لحق بتلك الأسر واللامبالاة بذلك استثمرت المدارس الأهلية ذلك الخلل الإداري لتحقيق أعلى الأرباح هذا العام!!