على الرغم من تنامي التوقعات الإيجابية حيال المستقبل الواعد للقطاع العقاري السعودي على ضوء المحفزات الاقتصادية المحيطة به، فإن السوق تمر بأزمة في الوقت الراهن. ويعود كل ذلك إلى ارتفاع معدل نمو السكان، وغياب الآليات الفعالة التي تساهم في إحداث نقلة نوعية في السوق تساعد في تخفيف حدة الأزمة. وما زالت السوق السعودية بحاجة لمشاريع الاستثمار العقاري في مجالات عدة مثل مشاريع تملك الوحدات السكنية، المكاتب التجارية، المستودعات والمدن الصناعية، التي ستشهد ارتفاعاً كبيراً في الطلب خلال الفترة المقبلة، ما سيوفر العديد من فرص الاستثمار الآمنة بصورة مستمرة. ولا تزال صناعة بناء المجمعات التجارية هي الرائدة، حيث تشتد المنافسة بين المطورين الذين بدأوا في وضع تصاميم الأشكال الهندسية لمباني المجمعات، ما يساعد على جذب المستثمرين من أصحاب المحلات التجارية، واستقطاب العملاء من الزوار والمستهلكين. 8.2 % متوسط عائد الاستثمار العقاري في الخليج والدول العربية كما أن القطاع العقاري السعودي الذي يُعدّ الأكبر على مستوى المنطقة يحتاج إلى استثمارات خلال السنوات العشرين المقبلة قدّرها خبراء عقاريون بنحو 2.4 تريليون ريال. وشهد طفرة كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية. ويؤكد الخبراء أنه مهيأ حالياً لاستيعاب الاستثمارات. من شأن ذلك أن يحقّق المزيد من النمو، لا سيما في ظل التزايد السكاني الكبير الذي تشهده المملكة بصفة عامة، والعاصمة الرياض بصفة خاصة. إذ ينمو سكان العاصمة بمعدل 8% سنوياً، بما فيه 3 % من النمو الطبيعي، و5% نتيجة للهجرة إلى العاصمة. وهنا يقول عجلان بن عبدالعزيز العجلان المتخصص في الاستثمار العقاري أن القطاع العقاري المحلي نجح في استقطاب حصة لافتة من الاستثمارات المالية، في أعقاب التراجعات الحادة التي شهدها سوق المال السعودية. أتى ذلك نتيجة لسعي المستثمرين إلى اختيار فرص الاستثمار الواعدة التي تمكّنهم من الحفاظ على مدخراتهم، وتعينهم على تجاوز الانتكاسة التي تعرضت لها استثماراتهم جرّاء تقلبات سوق الأسهم. وتوقّع عقاريون عودة تدريجية للاستثمارات التي ستُضَخّ في العقارات السكنية والتجارية والخدمية في المملكة، لافتين إلى أن أكثر من جهة استثمارية أبدت رغبتها في الاستثمار في العقارات المنجزة في السعودية والاستحواذ على بعض المشاريع. ولا يزال القطاع العقاري يحتلّ أهمية قصوى لأي مستثمر يسعى إلى تنويع استثماراته، شأنه شأن الأسهم، السندات، المرابحات، السلع والمشاريع المنتجة أيضاً. حيث تشهد منطقة الخليج طفرة عمرانية كبرى تم خلالها تنفيذ عدد من المشاريع السكنية والمجمعات التجارية العملاقة، بلغ حجم استثماراتها أكثر من 105 تريليونات دولار. وقد انعكست هذه الطفرة على نمو كبير في أساليب التسويق العقاري الذي اتخذ أشكالاً غير تقليدية ساهمت في تعاظم دور الاستثمار، نتيجة للإقبال المتزايد من المستهلك على شراء الوحدات السكنية المروّج لها. يعتمد النشاط العقاري على التزايد السكاني الكبير الذي تشهده المملكة خاصة الرياض. وتُعدّ السوق السعودية إحدى أهم الأسواق العقارية الخليجية المعتمدة على وسائل التسويق الحديثة كالإنترنت، الفضائيات، المواقع الإلكترونية، المعارض العقارية نظراً إلى دورها في دفع عجلة الاستثمار العقاري. غير أن عدداً من الخبراء يرون أن السوق ما زالت بحاجة إلى تعظيم استفادتها من وسائل الترويج، في ظلّ توقعات حول ارتفاع حجم الاستثمارات العقارية في المملكة بنسبة 2.9% سنوياً. ولا ينفي ذلك تأكيد المكانة التي بلغتها السوق العقارية في المملكة، باعتبارها ثاني أفضل قطاع استثماري في البلاد بعد قطاع النفط. ويمكن القول إن هذا التطور جعل المُسوّق العقاري قادراً على ترويج سلعته بكل سهولة. كما إن نشاط هذه السوق تطور بشكل ملحوظ على الصعيد العالمي، بفضل الاعتماد على الإنترنت في تسويق السلع والخدمات. كما تمّ إنشاء قنوات فضائية عقارية تجعل من السوق العقارية مادة إعلامية، تماشياً مع دور المعارض العقارية في تحفيز الاتصال بالعملاء من خارج نطاق السوق الجغرافي. ونبهت تقارير حديثة إلى أن متوسط عائد الاستثمار في العقارات بالخليج والدول العربية حقق متوسط عائد يبلغ 8.2 في المائة سنوياً خلال السنوات العشر الماضية، بالإضافة إلى أن العائد على أسهم الدول نفسها على المدى الطويل بلغ ما متوسطه 16.3 في المائة سنوياً، أما السندات والصكوك فقد حققت متوسط عائد يبلغ 6.2 في المائة سنوياً على المدى الطويل وأن أداء العقارات بصفة عامة هو أداء متوسط بين السندات والصكوك التي تتسم بأنها الأقل مخاطرة. وظلّت أسعار القطاع العقاري السعودي أقوى بكثير منها في القطاعات العقارية لدول الخليج الأخرى، لا سيما الإمارات العربية المتحدة وقطر، حيث واصلت أسعار العقارات انخفاضها بسبب فائض المعروض وانحسار الطلب. وخلافاً لدول الخليج الأخرى، تعاني المملكة من نقصٍ كبير في معروض العقارات التي يستطيع المواطنون شراءها. ويساهم عدد سكان المملكة البالغ حالياً 27.1 مليون نسمة بما في ذلك 18.7 مليون مواطن، في تعزيز الطلب على العقارات ودعم أسعارها - كما أنّ تزايُد العدد الإجمالي للوافدين - الذي نما تقريبا بمعدل 38 في المائة بين عاميّ 2004 و2010، طبقاً لبيانات الاحصاء السكاني ساهم في رفع الإيجارات. وتجلى، بحسب دراسة حديثة، أنّ الطلب المتزايد على العقارات السكنية في الأحياء الراقية، كأحياء شمال الرياض وشمال جدة والخبر التي تقع في المنطقة الشرقية، كان المحرّك الرئيسي للارتفاعات الملحوظة التي سجّلتها أسعار الفيلات والشقق.