ان الالتقاء بفن مبدع تتوارثه الأجيال.. لاشك أنه تأكيد على حقيقة مبدعه.. فالفن المتميز يستمر حتى ولو رحل صاحبه.. ففكرته وأسلوبه تستمر إلى الأبد من خلال تلامذته.. ومريديه أو حتى العاملين في مؤسسته الذين يحملون راية إبداعه.. وهذا ماينطبق على إبداع ( ماري كوشولتز ) والتي عرفت بعد زواجها باسم (مدام توسو ).. هذه الفنانة المبدعة التي استطاعت أعمالها وأفكارها أن تستمر حتى اليوم.. وتدر الملايين من الدولارات لمتاحفها في العديد من عواصم العالم .. لهذا قررت أن أزور متحفها في نيويورك، نزولا لرغبة أسرتي الصغيرة، فلقد سبق لي زيارته قبل سنوات وكنت أفضل زيارة معرض تشكيلي تم افتتاحه صباح اليوم في بروكلين .. المهم أنني خضعت لرغبتهم .. فكان هذا التقرير المصور عن هذا المتحف الرائع والذي يتجدد بين فترة وأخرى من خلال تزويده بتماثيل جديدة لمشاهير جدد .. لمسات فنية تاريخيا فكرة المتحف تعود للقرن الثامن عشر عندما بدأت مدام توسو العمل في نحت تماثيل من الشمع لجان دارك وبنيامين فرانكلين والعديد من الشخصيات المعروفة في ذلك العهد .. والمثير أنها وخلال الثورة الفرنسية قامت بالتجول بين جثث الضحايا بحثا عن الرؤوس المقطوعة لعمل تماثيل لها.. فساعدتها هذه العملية في اكتساب مهارة خاصة في مجال المحاكاة والتقليد المباشر للوجوه.. فبدأت تماثيلها تأخذ طابع دقيق.. من خلال ما أضافته إليها من روحها وإبداعها ولمساتها الفنية التي جعلت من أعمالها أكثر صدقا، وبالتالي انعكس ذلك على روعة ما أبدعته من أعمال وتماثيل مازال العديد منها خالدا إلى اليوم .. كذلك باتت مدرستها وأسلوبها في العمل توجها فنيا يدرس في كليات الفن وعلى الأخص أقسام النحت والمجسمات الشمعية .. متحف مدام توسو في نيويورك متحف شهير بعد سنوات من العمل والإبداع هاجرت إلى لندن وعرضت نماذج من أعمالها وتماثيلها في مسرح شهير (ليسيم) ومن ثم أسست معرضا خاصا بها في شارع بيكر عام 1835م وتعرض معرضها لحريق.. وكذلك عام 1940 م تعرض لقصف شديد خلال الحرب.. ومع مرور الأيام استطاعت مدام توسو أن تعيد من جديد إبداعها.. كالعنقاء لتخرج من رماد النيران وتنتج العديد من التماثيل واحدا تلو الآخر ليتطور عملها يوما بعد يوم متحولا معرضها إلى متحف شهير.. يتراكض إليه الكبار والصغار وبعدها تحول المتحف إلى مؤسسة شهيرة استطاعت أن تفتتح لها فروعا عديدة في أوروبا وأمريكا وحتى شرق آسيا.. في مكتب الرئيس زعماء العالم وفي متحف نيو يورك الذي يقع على بعد خطوات من ( تايم سكوير ) وفي شارع بردواي الشهير.. تستطيع أن تضع يدك على كتف الرئيس الأمريكي أوباما أو حتى تجلس على مكتبة في البيت الأبيض وهو يقف خلفك مبتسما كعادته.. أو أن تداعب محرر العبيد الرئيس الأمريكي الراحل (ابراهام لونكلن) أو تلتقط صورة مع براندت بيت أو زوجته وبإمكانك - أيضا - الجلوس مع العديد من زعماء العالم ورواد الموسيقى ونجوم هوليود المشاهير.. كله بتذكره واحدة تبدأ من 25 الى 35 دولاراً حسب العمر وبامكانك الدخول إلى عالم الرعب عبر ممر طويل يثير فيك الخوف الممزوج بالضحك والمتعة على أصداء صراخ الزوار ووجوههم الباسمة.. وباستطاعتك - أيضا - اقتناء العديد من الهدايا والتذكارات بدءا بالقمصان وسلاسل المفاتيح وعلب الشكولا.. التي تحمل صور المشاهير الذين توجد لهم تماثيل داخل المتحف.. وبوسع زوار المتحف الدخول إلى ورشة العمل حيث تستطيع مشاهدة كيفية عمل التماثيل من خلال فريق من المبدعين المتميزين ولكن هذه الورشة لها دوام معين يجدر بك معرفته مسبقا. بجوار إبراهام لونكلن ابتسامات وترحيب مئات من الزوار يتوافدون على المتحف من أمريكا وخارجها.. تكتشف ذلك من خلال الإقبال الكبير على باعة التذاكر الذين يستقبلونك بابتسامات جذابة وكلمات الترحيب والامنيات بأن تقضي وقتا ممتعا داخل المتحف، إذ لا تملك أمام هذا كله إلا أن تدفع.. وأنت في قمة السعادة والبهجة وبجوارك في طوابير التذاكر وجوه لشخصيات ربما شاهدتها في وسائل الإعلام .. ففي أمريكا يقف الجميع معا بدون تفرقه أو تميز.. تجدهم في طوابير التسوق أو المترو أو المتاحف.. مدير البنك مثل السناتور أو حتى عامل البناء.. والأجمل من هذا أنك تجد هؤلاء يحترمون أسبقية حضورك.. فلا يجرؤ أحدهم على تخطيك والدخول قبلك.. لقد قضيت مع أسرتي الصغيرة وقتا طيبا وباسما بل وحتى ضاحكا.. عندما وقفت سيدة أسبانية للحظات أمام أحدهم وهو يحمل كاميرا.. لتتيح له فرصة التقاط صوره .. وإذا بها تكتشف أنه عبارة عن تمثال يحمل كاميرا.. فكانت الضحكات المشبوبة بحياء لافت .. جسدت مدى إبداع من صنع هذا التمثال وغيره من تماثيل هذا المتحف المثير,؟.!!