أدوات مائدة مطلية بالذهب.. زجاجات خمر من الكريستال.. حلل من فرساتشي وأرماني وصفوف من الأحذية من ماركات عالمية هي كل ما تبقى في المجمعات السكنية الفاخرة المطلة على البحر التي كان يقيم بها أبناء العقيد معمر القذافي. الفيلات الفاخرة المطلة على البحر شهادة على أن عائلة القذافي لم تكن تحكم ليبيا فحسب بل كانت تملكها وتتعامل مع ثروة البلاد النفطية وكأنها إرث شخصي. لكن السيارات المتوقفة الآن خارج هذه الفيلات لم تعد الأساطيل الطويلة من سيارات الليموزين الخاصة بهم وانما سيارات الجيب والشاحنات التي توضع عليها الأسلحة الآلية والخاصة بالمدنيين الذين انتفضوا وأطاحوا بعائلة القذافي من الحكم. وقال أحد المستشارين القانونيين السابقين بالمجلس الاقتصادي الليبي "لقد جاء اليوم الذي كنا نحلم به طول حياتنا. هذا الشاطىء كان مخصصا لأبناء القذافي وعائلاتهم وأصدقائهم والنخبة الحاكمة. "انهم من كانوا يتمتعون بالثراء في ليبيا وليس نحن. لم يحصل الليبيون على أي شيء من هذه الثروات." واستطرد "لم يكن مسموحا لليبيين بالسباحة هنا أو الاقتراب من هذه البوابات. مصير أي أحد يجرؤ على الاقتراب من هذه الجدران كان معروفا.. يقتل بالرصاص." وهذا المنتجع الذي تحيطه الأسوار والمعروف باسم ريجاتا هو أحد مدينتين صغيرتين أقيمتا على طول شاطىء البحر المتوسط غربي طرابلس وهما ملكية خاصة. وقال عبد السلام كيلاني وهو ضابط انشق عن قوات القذافي في فبراير /شباط "هذه مجرد نقطة واحدة في بحر ثروتهم وفي القصور والتي يملكونها هنا وفي الخارج وفي المليارات التي يملكونها." وفي الفيلا الخاصة بالساعدي القذافي تناثرت على الأرض حلل ومعاطف من الكشمير وربطات عنق وأحذية من تصميم كل مصمم أزياء شهير في العالم تقريبا. وكانت هناك حقائب سفر مفتوحة مما يشير إلى مغادرة الفيلا بوجه السرعة. وكانت هناك أيضا تسجيلات لفريق بينك فلويد الانجليزي لموسيقى الروك وتسجيلات للمغني اللبناني جورج وسوف وتسجيلات للمسلسل التلفزيوني الأمريكي (الجناح الغربي) إضافة إلى أوراق مطبوعة لنشرات قناة الجزيرة التلفزيونية الفضائية عن فرار الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي من تونس. ومما تظهره هذه الفيلات أن عائلة القذافي كانت مولعة بامتلاك متعلقات فاخرة أكثر من ولعها بالكتب. والكتاب الوحيد الذي عثر عليه في الفيلا الخاصة بمحمد القذافي الذي فر إلى الجزائر هو كتاب (خلاص الجسم والروح) عن التأمل. والفيلا كانت مليئة بصور أندية رياضية وأعلام وتذكارات رياضية وصور لعائلته. ويبدو أن مواعيد رحلات الطيران إلى الدول العربية المجاورة كان من بين شغلهم الشاغل. وسكان هذه الفيلات الجدد بدا عليهم الشعور بالراحة في غرف النوم ذات الأثاث الفاخر في فيلا عائشة القذافي وبها 13 غرفة نوم. كل مقاتل من المقاتلين المعارضين للقذافي شغل غرفة بمفرده. وجمع المقاتلون ألبومات صورها في علبة باستثناء صورة ممزقة لها مع والدها في طفولتها. وعلى ما يبدو أن قاطني هذا المنتجع الهادىء بفيلاته وشواطئه وأشجار الصنوبر والنخيل غادروه بسرعة أو كانوا في منتصف حفل ما عندما رحلوا إذ أن زجاجات وأكواب الشمبانيا ما زالت موجودة في الشرفات ودراجات ولعب الأطفال تركت في الشوارع الضيقة. ومنتجع ريجاتا الواقع على بعد نحو 12 كيلومترا غربي طرابلس هو واحد فقط من العديد من مجمعات أسرة القذافي السكنية. ولم يكن أحد يجرؤ على مشاركتهم عالمهم سوى الأصدقاء وأفراد العائلة والمساعدين المقربين. وخارج المجمع بأسواره العالية يعيش الليبيون في فقر ومنازل رثة ودخول قليلة أو متواضعة تساعدهم فقط على البقاء. ورغم أن هذه الفيلات الباذخة تكشف عن سوء استغلال عائلة القذافي لثروات ليبيا وتسلط الضوء على التفاوت الاجتماعي في البلاد إلا أنه لم يكن الكثير من الليبيين يعلمون بوجودها إلى أن عثر عليها المقاتلون المناهضون لحكم القذافي. ومعظم هؤلاء المقاتلين جاءوا من منطقة الجبل الغربي الفقيرة ولكنهم لا يشعرون بالحسد بل ان معظمهم بدا وكأنه غير متأثر بكل هذا الترف حوله. وقال المقاتل إبراهيم مدني (26 عاما) من الزنتان "أسلوب الحياة هذا لا يعني شيئا بالنسبة لنا. "ليعلموا أن هذه الملايين عديمة الفائدة. الناس دفعوا دماءهم ثمنا للحرية." واستطرد "أهم شيء هو أن الناس تخلصوا منهم. فليتمتع الجيل الجديد بتعليم أفضل وبلد وحياة أفضل... لقد امتصوا دماء هذا البلد."