أثار الإعلان عن تصوير فيلم عالمي عن الملكة الفرعونية «نفرتيتي» بمدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة ضجة في الأوساط الثقافية والفنية في مصر في الآونة الأخيرة، وذلك بعدما ترددت أنباء عن أن الفيلم يتبنى وجهة نظر مؤلفه المصري الأصل البريطاني الجنسية أحمد عثمان والتي تنبني على الاعتقاد بأن الفرعون المصري الموحِّد إخناتون (زوج نفرتيتي) هو نفسه النبي موسى عليه السلام. ويعد الفرعون إخناتون أكثر الفراعنة إثارة للجدل بين أحفاده المصريين، فعلى الرغم من أن الفيلم السينمائي العالمي المزمع تصويره في مصر يدور في الأساس حول الملكة الحسناء نفرتيتي (رمز الجمال في العالم كله)، فإن الجدل كله الذي يصاحب إنتاج الفيلم يدور حول شخصية إخناتون نفسه. وكان المنتج العالمي الشهير جون هايمان قد عاين مؤخراً بالفعل أمكنة تصوير فيلم «نفرتيتي» في مصر، وأبدى إعجابه بإمكانات مدينة الإنتاج الإعلامي، وأكد أن اختيار مصر كمكان لتصوير أحداث الفيلم هو أمر محسوم بالنسبة له. وسيتكلف إنتاج الفيلم مئات الملايين من الجنيهات، ويتولى إخراجه المخرج العالمي الشهير هيو هادسون، أما السيناريو فهو للكاتب مايكل أوستن، وقد تردد أن نجوماً مصريين سيشاركون في الفيلم إلى جوار أبطاله العالميين، وقد رشحت كل من يسرا وداليا البحيري للتمثيل في هذا الفيلم في حالة موافقة الجهات الرقابية والمعنية على بدء تصويره في مصر خلال الأسابيع المقبلة. ومصدر القلق والتخوف من هذا الفيلم أن المؤلفات والدراسات التي كتبها أحمد عثمان من قبل؛ ومنها كتابه «إخناتون وموسى»؛ تدعي صراحة أن إخناتون هو نبي الله موسى. وقد صدرت دراسته «موسى وإخناتون» باللغة الإنجليزية عن دار «إنر تراديشان» في الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ وفيها يقول: إن إخناتون لم يمت عند نهاية حكمه كما ساد الاعتقاد، بل اضطر إلى التنازل عن العرش لابنه توت عنخ آمون بسبب انقلاب عسكري، وذهب إلى منفاه في سيناء وبعد خمسة وعشرين عاماً، مات حور محيب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة دون وريث، فعاد إخناتون من منفاه للمطالبة باسترداد عرشه. ولما فشل في خطته بسبب استيلاء رمسيس قائد الجيش على العرش، هرب إخناتون عائداً إلى سيناء، وأخذ معه أتباعه الذين حاولوا الهروب إلى كنعان. ومات رمسيس الأول في هذه الفترة، فخرج ابنه سيتي لمطاردة إخناتون ورجاله، فقتله ومنع أتباعه من الوصول إلى كنعان، فعادوا إلى التيه في سيناء. ويبرهن أحمد عثمان نظريته بأن النبي موسى عليه السلام والملك المصري إخناتون قد عاشا في نفس الزمان والمكان، حيث ولدا في عصر الملك أمنحتب الثالث بأرض جاسان عند مدينة القنطرة شرق الحالية، ويقول: من المعروف أن كل نبي قبل موسى كان ينزل على قوم ما أو قبيلة ما، لكن موسى جاء ليقول إن هناك إلهاً واحداً للناس أجمعين، وهو أول من نادى بذلك سواء للمصريين الذين عاش في كنفهم أو بالنسبة للمدينيين الذي عاش معهم فترة من الزمان؛ بالإضافة إلى أن الفراعنة أول من أدركوا أن للإنسان روحاً وجسداً، وآمنوا بأن الروح خالدة لا تموت، ومن هنا جاءت كتابات الموتى للحفاظ على روح الإنسان، وذلك منذ أكثر من خمسة آلاف سنة. وإخناتون الفرعوني أول من أدرك وحدانية الرب أي شمولية الرب على الناس أجمعين، وبالتالي فان تشابه العقيدة وطريقة العبادة وتوافق الزمان والمكان في مصر في القرن ال18 (ق.م) كلها أمور تشير إلى أن إخناتون هو موسى. وقد هب الأثريون وعلماء التاريخ في مصر للدعوة إلى الوقوف ضد إنتاج فيلم نفرتيتي العالمي، وذلك في حالة التأكد من قيامه على تبني فكرة أن إخناتون هو النبي موسى، وهي الفكرة التي يصفها العلماء - وعلى رأسهم الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والدكتور عبدالحليم نور الدين الأستاذ بكلية الآثار، وغيرهما - بأنها «تخريف» و«كلام فارغ لا يوجد سند علمي له»، ويرى علماء الآثار والمختصون أن شكل إخناتون وخصائصه وسلوكه لا توحي بأنه من الرسل. وقد شنت بعض الصحف المصرية؛ ومنها مجلة «روزاليوسف» وجريدة «الأسبوع»؛ حملة بهدف وقف إنتاج هذا الفيلم، ومنع تصويره على أرض مصر، وذلك على اعتبار أن أفكار أحمد عثمان المتعلقة بأن إخناتون هو سيدنا موسى تحمل مغالطة تاريخية فاضحة وأكذوبة ساذجة، وأن المراد بها هو الادعاء بأن فراعنة الأسرة ال18 هم في الأصل يهود، وفي هذا تشويه متعمد للتاريخ الفرعوني؛ وترويج للدعاية اليهودية!