باستثناء الدكاترة: سعد الصويان وعبدالعزيز الخويطر وغسان الحسن وعبدالله العتيبي رحمه الله، كان موقف مُعظم الأكاديميين من الشعر النبطي منذ بدء الاهتمام الإعلامي به موقفاً سلبياً ورافضاً في الغالب، وكان موقف الرفض هو الأقوى والأكثر بروزاً لأسباب عديدة من بينها: استعلاء كثير من حَمَلة (الدالات) على الشعر النبطي والأدب الشعبي عموماً، ورؤية بعضهم القاصرة بعدم جدوى دراسته والعناية به أو الاهتمام بأي شعر نبطي قيل في المرحلة التي تعقب توحيد المملكة واكتشاف النفط بزعم انعدام الفائدة أو المتعة فيه خلافاً للشعر الذي سبق هذه المرحلة؛ ومنهم من تطرَّف في حُكمه لينفي أي قيمة للأدب الشعبي والشعر النبطي في جميع عصوره على الإطلاق؛ وحتى أولئك الأساتذة الذين يتذوقون الشعر النبطي ويستشهدون به في مجالسهم وفي محاضراتهم استخدموا أسلوب (التُقية) في موقفهم منه بتجاهل الإشارة إليه أو الاستشهاد به أو التصريح بموقف إيجابي منه في كتاباتهم الصحفية أو حواراتهم مع وسائل الإعلام..! وفي الآونة الأخيرة -ومع موجة برامج مُسابقات الشعر التي تحظى بمساحة واسعة من أضواء الإعلام الشعبي وغيره- بدأنا نلحظ تحولاً كبيراً في موقف الأكاديميين من الشعر النبطي، إذ رأينا تنزُل أسماء أكاديمية لامعة وذات ممارسة نقدية طويلة وتجربة ثرية في ميدان النقد الأدبي من علياء الأكاديمية للمشاركة في لجان تحكيم مسابقات الشعر الشعبي، وهذا الأمر مُضافاً إليه التعقيب الواعي للدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية على مقال الزميل قاسم الرويس وإشارته إلى عزم الوزارة كجهة رسمية على تنفيذ برامج عديدة تهتم بالموروث الشعبي وعزمها كذلك على "عدم فصله عن الثقافة الرسمية باعتبارهما كياناً واحداً"، كل هذه الأمور تُعد مؤشرات إيجابية تبعث على البهجة والتفاؤل وتُبشر بأن مستقبل الشعر الشعبي والأدب الشعبي سيكون أكثر تنظيماً وإشراقاً مما كان عليه بفضل الله وبفضل وجود أكاديميين يحملون وعياً كبيراً بقيمة هذا التراث الذي لقي الكثير من العقوق والانتقاص والإهمال على مدى عقود من الزمن. أخيراً يقول المبدع نايف معلا: هذا الوطن ما نرخصه في كل سوق غالي وترخص من غلاه أقيامنا نفدا ثراه ونحفظه من كل بوق ما دام تنقلنا عليه عظامنا أرواحنا نسوقها لرضاه سوق وتذو عنه سيوفنا وأقلامنا حقٍ علينا نرفعه بالحب فوق ونحط من عاداه تحت أقدامنا !