سنوات قليلة ويحتفل التلفزيون السعودي بمرور نصف قرن على بداية بثه. عمر طويل تخللته آلاف البرامج والمسلسلات والأفلام وتعاقب عليه مدراء ومذيعون ومعدون ومحررون وفنيون تركوا بصمات تذكر للكثير منهم إلى اليوم، ولو أردت أن استعرض أسماءهم لاحتجت إلى كتاب وليس مقالة ولكن ما أردت قوله هو أن التلفزيون السعودي كان في السابق فارس الميدان الوحيد والكل يشاهده مهما كانت المادة المعروضة من حيث القوة والضعف، ومع ظهور القنوات الأخرى اتسعت دائرة الاختيار أمام المشاهدين وأصبح التلفزيون السعودي بقنواته، التي تعددت، خيارا واحدا أمام المئات من الخيارات وبذلك قلت نسبة المشاهدة واشتدت المنافسة، وأصبحت كل قناة، حكومية أو خاصة، تقدم كل ما تستطيع وتنظر إلى ما حولها من القنوات وتحاول التفوق عليها لإرضاء المعلن ثم المشاهد. كل ما ذكرته سابقا يسير في إطار التدرج والتطور الطبيعي للبث التلفزيوني والمنافسة بين القنوات، ولكن ما يستوقفني هو ما أقرأه بين الحين والآخر من ردود وتعليقات على بعض الأخبار والمقالات التي لها علاقة بالتلفزيون السعودي والتي يقول بعضها «أنا لا أشاهد التلفزيون السعودي أبدا» ويقول البعض الآخر «أنا أصلا ماسح من الرسيفر كل القنوات السعودية» ويقول تعليق ثالث «والله أنا حاذفها من الرسيفر بالكامل من عام 1421». أنا لا أدعو إلى أن يشاهد المرء قنوات التلفزيون السعودي فقط، وفي كل الأوقات، لأن الرغبات والمشارب تتعدد، وقد يبحث المشاهد عن أشياء في أوقات معينة لا يجدها في قنواتنا، ولكن لماذا المباهاة والتفاخر بأنك لا تشاهد قنوات التلفزيون السعودي، بل وتمسحها من جهاز الاستقبال لديك. لا ندعي أن هذه القنوات هي الأفضل، ولا ننفي أن فيها نواحي قصور تحتاج إلى استكمال، ولكن لا تنسى أنك بمشاهدتك لهذه القنوات، أو لبعضها ترى وتسمع نقلا حيا للصلوات من الحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وبمشاهدتك لها أيضا تستمع إلى أحاديث وفتاوى من سماحة مفتي عام المملكة وغيره من أصحاب الفضيلة العلماء حول أمور تهم حياتك وحياة أسرتك اليومية، ثم لا تنسى أيضا أن هناك نشرات أخبار تعرف من خلالها، قبل غيرها، ما هو حاصل في بلدك وماذا قالت قياداتها ورموزها. هناك أيضا من بين قنوات تلفزيوننا المتخصصة من يتابع الأخبار (الإخبارية) والحراك الثقافي (الثقافية) والمال والأعمال (الاقتصادية) ومن لديه أطفال (أجيال) وأخيرا الرياضة (6 قنوات رياضية)، وكما يعلم الجميع فإن النقل سيكون حصريا على قنواتنا الرياضية لمباريات الدوري السعودي وكأس خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد والأمير فيصل بن فهد ودوري الدرجة الأولى والشباب والناشئين، فهل سيستمر البعض يردد «أنا أصلا ماسح من الرسيفر كل القنوات السعودية»؟ أخيرا، المشاهد لديه الحرية الكاملة في اختيار ما يرغب من قنوات أخذا في الاعتبار أن هناك نوعية من المسلسلات وبرامج المنوعات وجلسات الرقص والطرب لن يجدها في تلفزيون بلاده وهذا مصدر افتخار وليس انتقاصا، وهو بمجاهرته وتفاخره بمسح قنوات التلفزيون السعودي من جهاز استقباله إنما يتخلى عن جزء من هويته الدينية والوطنية التي لا تقبل المساومة. تنقل عزيزي المشاهد بين ما تشاء من قنوات، ولكن بكل تأكيد هناك معلومات ورسائل تحتاجها أنت وأفراد أسرتك، وبرامج مشاهدتها تنصب في صالحك قبل غيرك وهذه لن تجدها سوى في قنواتك السعودية.