وفقا لتقرير ادارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA المذكور في مقال السبت الماضي فإن النرويج تمكنت مؤخرا في منتصف هذا العام 2011 (بعد خلاف دام اربعين سنة) من التوصل الى عقد اتفاقية مع روسيا بأن يلتزم البلدان (النرويج وروسيا) على ان يقوما معا بالمشاركة في تطوير حقول البترول والغاز الواقعة عبر حدودهما البحرية في منطقة تبلغ مساحتها 176000 كيلو متر مربع تقع في عرض بحر بارينتز والمحيط المتجمد الشمالي Barents and Arctic Seas. كذلك جاء في مصدر اّخر (ويكيبيديا) ان وزير الشؤون الخارجية النرويجي السابق Jan Peterson صرح في مارس 2005 ان بحر بارينتز بحذاء المحيط المتجمد الشمالي قد يحتوي على ثلث البترول والغاز المتبقي الذي لم يتم اكتشافه بعد في العالم. كذلك وفقا لوكيبيديا أيضا فقد الغت النرويج في عام 2005 الحظر الذي كان مفروضا على التنقيب عن البترول والغاز لأسباب بيئية في بحر بارينتز والمحيط المتجمد الشمالي. كذلك بتاريخ 5 ابريل 2011 قالت وكالة اخبار بلومبيرق Bloomberg ان النرويج تنوي ان تتوسع في عمليات الحفر في القطب الشمالي بعد ان حققت شركة البترول النرويجية Statoil ASA أوّل اكتشاف بترولي تجاري كبير في بحر بارينتز. ثم تواترت الأخبار (بعضها كنوع من الدعاية والإعلان) عن ارسال النرويج لشركة عبر المحيطات Transocean (احد اكبر الشركات المتخصصة في الحفر في أعماق البحار) الى القطب الشمالي لتقوم بعمليات حفر آبار البترول والغاز على عمق 1500 متر (أي كيلو متر ونص) تحت سطح المياه في الحقول المكتشفة في بحر بارينتز لتعويض انخفاض انتاج البترول من حقولها المنهكة الواقعة في بحر الشمال الذي بدأ يهدد مركز النرويج كأحد الدول المنتجة للبترول. هكذا يمكننا ان نستخلص ان كل الظواهر تقول لقد بدأت النرويج تتهيأ تدريجيا لتوديع نشاطها في بحر الشمال بعد ان اوشك بترولها على النضوب والهجرة الى أقصى شمال الشمال في اتجاه ال: Arctic (القطب المتجمد الشمالي) حيث الأماكن المهجورة والخطرة والصعبة وعالية تكاليف استخراج البترول ناهيك عن احتمال تكرار ماحدث مرارا من انفجار آبار البترول تحت اعماق البحار وتعريض الثروة السمكية التي هي احد مصادر الدخل الأساسية للنرويج للأنقراض. النرويج ليست هي أوّل - بل هي آخر - الدول التي بدأ بترولها في بحر الشمال رحلة النضوب فقد سبقتها على التوالي كل من هولندا والمانيا والدانمارك ومن ثم اخيرا لحقت بهم بريطانية العظمى فتحولت بريطانية عام 2007 من دولة مصدرة الى دولة مستوردة للبترول. من القراء من لم يسمع باسم بترول برنت.. ! ؟ بترول برنت هو امتداد لحقول بترول النرويج في بحر الشمال ولكن شاءت قواعد لعبة القسمة (التي تتطلب الغاء الكسور) ان يكون برنت من نصيب بريطانية العظمى. ورغم ضآلة انتاج بترول برنت المتناهية في الصغر، الا ان عدد البراميل التي تباع منه في سوق بترول الورق Paper oil اضعاف اضعاف ماتنتجه جميع دول اوبك من البترول، وفوق هذا فان بترول برنت وحده هو الذي يقرر اسعار البترول في شتى انحاء العالم، لأن جميع بترول العالم (الى حد ما باستثناء بترول امريكا) مربوط بسعر بترول برنت. ألا توافقون معي ان بترول برنت هو احد أعجب عجائب الدنيا؟ لكن ياللأسف لقد أشرف بترول برنت على النضوب. الدرس المستفاد من سطوع ثم بداية افول نجم بترول بحر الشمال هو ان النضوب - سواء عاجلا أو آجلا - هو مصير البترول الرخيص في شتى انحاء العالم، فمن المؤكد أن الشيء الذي ينطبق على بترول بحر الشمال ينطبق على بترول المناطق الأخرى، وبترول دول اوبك - على اي حال - مهما كان يبدو الآن ضخما بالنسبة لاحتياطيات الدول الأخرى فإنه ليس هو استثناء من قاعدة النضوب والدليل نضوب ثم انسحاب اندونيسيا بعد ان كانت العضو رقم 13 في عضوية منظمة اوبك.