هى معركة من أجل الحرية.. هكذا وصف الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز الثورة الليبية ضد نظام العقيد معمر القذافي بعد نجاحها في الإطاحة بحكمه وفراره هارباً بعد أن تعهد بمواصلة القتال دفاعاً عن نظام حكمه. بيريز الذي تنتهك دولته صباح مساء كافة القوانين والمواثيق الدولية وتقتل وتصيب وتعتقل ما تشاء دون حساب يتحدث عن الحرية.. ولم لا؟ لكن المثير هو أن بيريز ربما كان أول من تحدث عن نهاية القذافى وسبق غيره من الحكام والملوك والرؤساء فى التعبير عن رأى بلاده فيما حدث، إذ سارع بالإدلاء بتصريحات للإذاعة العامة الإسرائيلية قال فيها: "إن الثورة في الجماهيرية التي يحكمها القذافي منذ 1969 هي انتفاضة شعبية من أجل حرية الشعب الليبي"، وأضاف: "لو كنت ليبيا، لثُرت ضد الطاغية القذافي". إسرائيل وعلى مدار الأشهر الماضية أعربت على لسان الكثير من مسئوليها عن أملها بسقوط نظام القذافي وتمنت نهايته وزوال حكمه رغبة منها في المزيد من الاحتقان في العالم العربي، وهو ما عبر عنه المحلل السياسي اميل أنجر فى مقال له نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في اليوم التالي لسقوط العاصمة الليبية طرابلس في أيدى الثوار، إذا أشار بقوله إلى أن نهاية الصراع في ليبيا تنبئ ببداية جيدة للمستقبل، ولكنه سيكون التحدي الأصعب بالنسبة للثوار الليبيين لأنها ليست إلا البداية.. وتابع حديثه بالقول "من المؤكد أنه بدون المساعدة الغربية للثوار كانت النتائج ستختلف كثيراً عما آلت إليه الأمور الآن، مشيراً إلى أن الحملة العسكرية الغربية نجحت فى إضعاف القوة العسكرية التي كان يملكها معمر القذافي وأفقدتها القدرة على التركيز والتمركز فى مواقعها ضد الثوار، لأن غارات حلف شمال الأطلسي "الناتو" كانت قوية وفعالة، وذلك الى جانب نجاح الغارات الغربية فى قطع خطوط إمداد القذافي والتي بدونها أصبحت قواته هالكة ولا تملك من القوة أو الإمكانيات ما يجعلها قادرة على صد هجمات الثوار، فى حين أن الثوار تلقوا كميات كبيرة من الأسلحة والأموال القادمة من الغرب والتي كان لها الدور الأبرز في انتصارهم ضد قوات القذافي. واشار أنجر الى انه الآن بدأ التحدي الأصعب بالنسبة لليبيين، وتساءل: هل سيستطيعون توحيد بلادهم على قيادة ديمقراطية واحدة ويعيدون بناء ليبيا كدولة قوية ذات اقتصاد قوي؟ أم اننا بصدد رؤية عراق جديد حيث نرى ليبيا مقسمة بين القبائل وتشوبها الحروب والتفجيرات والهجمات الانتقامية. الجدير بالذكر أن تل أبيب لعبت دوراً رئيسياً وأساسياً في تشويه صورة القذافي على الأقل أمام الثوار في ليبيا وذلك عبر حملة إعلامية منظمة مارستها وسائل الإعلام الإسرائيلية ضده والترويج لتقارير تؤكد أن هناك اتصالات مستمرة بينه وبين المسؤولين الإسرائيليين وذلك لمساعدته في الخروج من أزمته، بل ان القناة الثانية الإسرائيلية وقبل نحو شهر تحدثت عن ان مسؤولين ليبيين تابعين لنظام العقيد معمر القذافي زاروا إسرائيل، والتقوا زعيمة المعارضة "تسيفي ليفني"، كما التقى ممثلون عن القذافي بمسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية، من أجل ما أسموه "ترميم العلاقات" بين ليبيا والولايات المتحدة، فيما يمكن اعتباره حملة من القذافي للحصول على شرعية دولية، بعد اعتراف عشرات الدول بمجلس الحكم الانتقالي الليبي، وأشار التليفزيون الإسرائيلي في حينه إلى أن 4 ممثلين عن نظام العقيد الليبي معمر القذافي قد زاروا إسرائيل مؤخراً، وعقدوا لقاءً مع زعيمة المعارضة الإسرائيلية، وزعيمة حزب "كاديما"، تسيبي ليفني، بالإضافة إلى عضو الكنيست "مائير شطريت"، وبعض الإسرائيليين من أصل ليبي.. وأضاف التليفزيون الإسرائيلي أن "المسؤولين الليبيين الأربعة وصلوا إسرائيل على متن طائرة، بعدما حصلوا على تأشيرات دخول من السفارة الإسرائيلية في باريس"، وبعد وصولهم مباشرة، طلبوا لقاء تسيبي ليفني "لينقلوا إليها رسالة خاصة من معمر القذافي"، وبالطبع كانت إسرائيل تحاول أن تظهر القذافي على أنه وثيق الصلة بها وأرادت بذلك منح معارضيه الضوء الأخضر للخلاص منه على اعتباره عميلاً لإسرائيل.