إذا كان الملحن الكبير سراج عمر قدم ثوباً غنائياً عبر نصوص البدر، وحنجرة الطلال، تجاوز ملحني تلك الفترة مثل سمير الوادي، وغازي علي، وجميل محمود، وعبدالله محمد، ثم أثر في جيل لاحق مثل عبدالرحمن الحمد، ومحمد المغيص، وسواهم منذ إطلاق تجربة أغاني مسلسل الأصيل (1973) على سبيل المثال "مري علي، يا ويلاه" مروراً بأغنيات "مقادير(1976)، الموعد الثاني (1978)" وصولاً إلى "يا كريم، ليلكم شمس (1989)" حتى "العطر، شعاع 2000" ثم لا يمكن تجاهل الانتقالة إلى عبدالرب إدريس الذي منح أغنيات البدر حالة مغايرة في نماذج لا يمكن تجاهلها "آه يا الجراح 1986" مع عبدالكريم عبدالقادر أو "لا تسأله ناسي 1988" مع رباب أو "أبعتذر 1989" مع محمد عبده. ولعل التعاون مع خالد الشيخ انتقل بتجربة البدر نحو منطقة أخرى وضعت بذورها في الأغنية السعودية ولم تكمل، وهي تجربة طلال مداح لحناً وغناءً في أغنية "مانيب أنام" (1973) و"وعد" (1978) ثم ألحان محمد شفيق مثل "عطني بهواك الصبر" (1980) لسارة قزاز "طفلة وطفل" (1985)، و "هم يا فؤادي (1987)" لعبدالمجيد عبدالله. ولكن تنطلق معطيات هذه الأغنية من منظور خالد الشيخ حين دخل مرحلة جديدة في تجربته منذ استأنفها عام 1998 منعطفاً جديداً في الرؤية والأسلوب تطور عن تراكم خبرة وتدرب موهبة وطموح لا يحد، وقد اتضح ذلك وضعه لألحان ثلاثة نصوص "أترامى، في الآخر بشر، قصة حب (2000)". ولا أدل من أن هذه التجربة متصلة بما قدمه طلال مداح مع البدر إذ ما لا يعرفه كثير من المستمعين أن أغنية "صدقيني" (1999) كان يحضرها خالد الشيخ لصوت طلال مداح بطلب من طلال نفسه قبل أن تؤول إلى الرويشد بعد وفاته. وفي هذه الأعمال الجديدة يختبر الشيخ طاقة جديدة في تركيبية الألحان وتعدد الرؤية الموسيقية، وهي تكشف عن فكر ما بعد الحداثة في تهشيم الثنائيات التقليدية، وهدم فكرة البساطة والعفوية في العمل الفني، وتوظيف مقدرات التقنية بما يكسر بطولة عنصر على الآخر حيث يتساوى اللحن والنص الشعري، وحنجرة المؤدي وأصوات الكورال. ومن هنا سأنتقل إلى الزاوية الأخرى، وهي مسيرة تعامل خالد الشيخ مع عبدالله الرويشد، ويمكن أن نقسمها حسب العقود الثلاثة إذ قدم لها فترة الثمانينيات ثلاثة أعمال بالكاد أن تذكر، وهي على التوالي: "درب الزلق 1987 (علي الشرقاوي)" في مجموعة "مسحور"، وفي مجموعة غنائية جمعت أكثر من صوت لشركة فرسان "غير طريقك 1987 (مبارك الحديبي)"، وقد كتب خالد الشيخ مطلعها وأكمله الشاعر، ثم "يسّر أمري 1989 (عبداللطيف البناي)" في مجموعة " الله معك". تشهد هذه الفترة توهج كل من الملحنين راشد الخضر وسليمان الملا وعمار الشريعي حيث قدم هؤلاء كثير من الأعمال التي ظللت بدايات تجربة عبدالله الرويشد منذ (رحلتي 1981) بينما كان الشيخ منشغلاً في أعماله (منذ عام 1983) حيث كان ينطلق ليقدم كثيرا من التجارب المتنوعة في نصوص مختلفة من نصوص الشعر النبطي والشعبي والحميني والزهيري والأزجال، إلا أن الشيخ كان يستعير الحناجر الأخرى ليحارب بها، وكان عبدالمجيد عبدالله صوتاً لا خلاف على أهليته بين أصوات مجايلة مثل عارف الزياني، وهدى عبدالله، وعلي بحر، في البحرين، ورباب، وعبدالله الرويشد، ونوال، ونبيل شعيل، في الكويت، وخالد الربيع، وطلال سلامة، ومحمد ماجد في السعودية.