استدعت المشاهد الكارثية للنازحين من الجنوب الصومالي إلى العاصمة مقديشيو بحثاً عن الطعام وهروباً من توحش الجوع وقحل الطبيعة ، التي ضنت على الآلاف منهم بما يسد رمقهم ، تحريك ضمير العالم والمجتمع الدولي، في مؤشر واضح على المخاوف من تناقص الغذاء عالمياً بالنظر إلى ارتفاع الأسعار ومخاطر الطبيعة والتغيرات المناخية، في العديد من الأقاليم الزراعية في العالم ، في منطقة القرن الأفريقي الأمر الذي استدعى العديد من المنظمات الدولية المعنية إلى إطلاق التحذيرات منذ سنوات وعلى رأسها الندوة، ولكن الموقف في الصومال، وهي الكارثة الأشد تفاقماً والأسوأ منذ 60 سنة. حيث يقول الأمين العام للأمم المتحدة (المجاعة تحصد في الصومال يومياً الصغار والكبار بوتيرة مروعة)، وتصف رئيسة برنامج الغذاء العالمي وضع الأطفال في الصومال بأنه أسوأ ما شهدته في حياتها، وحسب تصريحاتها تخشى الأممالمتحدة من تعرض 12 مليون نسمة بالقرن الإفريقي للمجاعة، وتعتبر الصومال الأسوأ حالاً ، حيث تشير تقديرات الأممالمتحدة إلى وفاة عشرة آلاف طفل خلال أسبوعين الماضيين، بسبب المجاعة وسوء التغذية الحادة، ويزداد عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يومياً بمعدل ينذر بالخطر، وفقاً لتقرير لليونسيف UNICEF. وتحذر الهيئات الإنسانية من إمكانية انتشار المجاعة في جميع المناطق الجنوبية في الصومال ما لم يتم تدارك الوضع من قبل المجتمع الدولي. وبالرغم من المساعدات الإنسانية التي أخذت تتدفق على العاصمة مقديشو إلا أن الموقف لا يزال متأزماً ويبدو أنه سيبقى على هذا النحو لفترة طويلة ، حيث أن الأزمة تكشفت بشكل لم يكن مفاجئاً بل على العكس كان متوقعاً ، كما أن المساعدات المتواضعة التي تقدم ما هي إلا بارقة أمل على هامش الكارثة ، وتستدعي مزيداً من الدعم والاستمرار فيه لمواجهة كارثة إنسانية لا هوادة في تغولها في القرن الأفريقي ، وتتطلب الكارثة تنظيم حملات تطوعية لتقديم يد العون والمساعدات والخدمات حيث توجد مشكلة أخرى وهي توزيع المساعدات ، حيث يواجه كثير من النازحين صعوبة في الحصول على مواد المساعدات. بينما نجد آلاف الأطفال مهددون في حياتهم بسبب المخاطر الصحية والجوع ووجودهم في بيئة تموج بالأوبئة مع غياب النظافة وتضاؤل الرعاية الصحية ، وغياب البرامج المتعلقة بها. من جانبها دشنت منظمة التعاون الإسلامي، اجتماعها الأول للإغاثة، بمشاركة نحو 15 منظمة إغاثية إسلامية، وتم التوافق على أن يكون هذا التحالف، مظلة جامعة لتنسيق العمل الإنساني في مواجهة الأزمة الإنسانية في الصومال وفي مختلف الدول المتضررة ، ودعا أمينها العام كل الجمعيات الخيرية والمؤسسات المالية، وجميع المجموعات الدولية للمساهمة بسخاء وتقديم الدعم الممكن، لاحتواء الأزمة في الصومال. كما سارعت الندوة العالمية للتنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي إلى زيارة الصومال ضمن الوفد التابع للمنظمة للوقوف على الأوضاع، ومثل الندوة فيه د. محمد سعيد دماس الغامدي نائب المشرف للبرامج الخارجية، الذي أوضح أن مهمة الوفد هي لفت النظر للمشكلة الإنسانية الحادثة في الصومال جراء الجفاف، وتنبيه العالم وأعضاء منظمة التعاون الإسلامي لها، لكي يتم اتخاذ إجراءات عملية لرفع هذا الضرر، بمشاركة هذه الحكومات بشكل فاعل في إعمال الإغاثة والبدء في حملات إغاثية عاجلة وحث الجمعيات المختلفة للمشاركة في عمليات الإغاثة العاجلة ، والاتصال بوسائل الإعلام المختلفة لإيصال هذه الرسالة. وفي الرياض استقبل الأمين العام للندوة د. صالح الوهيبي في مكتبه بالأمانة العامة السفير الصومالي لدى المملكة أحمد عبد الله محمد، وتناول اللقاء الأوضاع المأساوية للمتضررين من المجاعة في الصومال، وتوحيد الجهود الإغاثية لدعم المتضررين وأكد الدكتور الوهيبي ضرورة تكاتف جميع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات الإغاثية لإغاثة المنكوبين من المجاعة، وناشد الجميع أن يكونوا على مستوى المسؤولية وتقديم الإغاثة العاجلة للآلاف الذين يعانون من المجاعة، وقال د. الوهيبي إن الندوة حذرت قبل عامين من هذا الأمر، ووصف الدور الذي يقوم به المجتمع الدولي بأنه ضعيف جداً، وأهاب الدكتور الوهيبي بجميع المؤسسات الإغاثية والإنسانية تقديم الدعم لمتضرري المجاعة في الصومال. إغاثة عاجلة الى ذلك وصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الجمعة الى مقديشو في زيارة غير مسبوقة لتفقد ضحايا المجاعة. وسيزور اردوغان الذي وصل برفقة اربعة من وزرائه ووفد كبير من رجال الاعمال والاداريين والنواب معسكرا للنازحين ومستشفى، كما علم من الوفد المرافق. ويرافق اردوغان زوجته امينة ووزير الخارجية داود احمد اوغلو، وفق ما علم في انقرة. وذكرت وكالة انباء الاناضول في اسطنبول ان جناح طارئة تقل الوفد المرافق لاردوغان لامس مدرج الهبوط في مطار مقديشو. واصيب الجناح الايمن لطائرة الخطوط الجوية التركية باضرار مادية. ولم يصب اي من اعضاء الوفد الذي يضم رجال اعمال واداريين ونوابا ومغنين ورجال امن بجروح. وقامت تركيا بحملة انسانية ودبلوماسية واسعة للتصدي للجفاف في الصومال التي يعاني نصف سكانها، اي قرابة 3,7 ملايين، من المجاعة ويحتاجون الى مساعدات عاجلة.