تباينت اراء الاقتصاديين حول ازمة الدين الامريكي بين متشائم ومتفائل بالمستقبل في ظل تعرض العالم الى ظروف غامضة يصعب من خلالها اتخاذ قرارات مناسبة. ويرى أستاذ الاقتصاد بكلية الأمير سلطان بجدة الدكتور على الدقاق أن ما يعيق الاقتصاد العالمي أن العملة المرجعية للعالم هو الدولار وأمريكا دولة تعيش على الديون وهذا في حد ذاته مشكلة اقتصادية صعبة. وأشار إلى أن عملية تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة مطروح منذ ستة أشهر ، حتى تم رفع سقف الدين مؤخرا الذي يأتي تزامناً مع اعترافات من رئيس البنك المركزي الأمريكي أن هناك 1,3 تريليون دولار بسبب شراء سندات غير ذات قيمة مهمة، بمعنى أنه تم شراء قروض البنوك التجارية، ومن هنا بدأت الأزمة بسبب دعم هذه البنوك، وارتفع التضخم إلى 3% رسمياً ولكن بما أن سعر الفائدة أقل من 1% وهذا ما يعبر عنه بالفائدة السلبية وهذه تعتبر من العمليات السلبية لأنها تعاقب حسابات التوفير وتكافئ البنوك التي كانت سبب المشكلة وهذا الوضع يجعل من السندات الاختيار الآمن لمن لا يجيد المخاطرة. ويوضح: مع ارتفاع الكثير من الأسعار اتضح أن التضخم الحقيقي هو 9% وليس كما هو معلن رسمياً 3% ، وهذا وضع أمريكا في مصيدة تخفيض التصنيف الائتماني. وتوقع دقاق أنه إذا لم ينم الاقتصاد بالشكل المطلوب فهناك احتمالات لإجراء تخفيض للتصنيف الائتماني في خلال فترة تتراوح بين ستة شهور إلى سنتين ، ويلفت الانتباه إلى أن المشكلة لا تخص أمريكا وحدها ولكن المشكلة في التداعيات خارج أمريكا للدول المرتبطة بالدولار ومرتبطة صادراتها ووارداتها مع أمريكا ، ولذلك هناك احتمالات لحدوث أزمة مالية في شرق آسيا مشابهة للتي حدثت في نهاية التسعينيات ، وهناك أيضاً أن تنتقل هذه الأزمة إلى أوروبا خاصة في الدول التي لديها مشكلة في سداد ديونها مثل إيطاليا واليونان ، وهذا سوف يؤثر على الدول القوية في أوروبا مثل فرنسا وألمانيا. وأضاف أنه لا يوجد بالتحديد دول تستفيد من هذه الأزمة القادمة فجميع الدول ستكون متضررة والسبب أن نظام السوق لم يأخذ فرصته في إسقاط المتعثرين وإبراز الناجحين ، ولم تعط فرصة لقوى السوق التصحيحية أن تعمل، وهذه المصالح خاصة للصفوة الرأسمالية المسيطرة أدت إلى هذا الإرباك الحاصل في الأسواق. د. علي الدقاق واوضح ان هناك افلاسات مالية ستحدث في داخل أمريكا على مستوى الحكومات المحلية في بعض الولايات وخاصة كاليفورنيا ، وحتى إصدار سندات بالدولار غير مفيد لأن من يشتريها من الدول الأخرى يشترى سندات بعملة دولة مدينة لن تستمر على المدى الطويل ، وبالتالي يمكن أن يحدث هبوط مالي في أمريكا ويتبعه سقوط لجميع دول الاقتصاد الرأسمالي. وتوقع دقاق أن التخفيض الائتماني لأمريكا سيحدث خلال الستة شهور المقبلة إلى سنتين، لأن الاقتصاد الأمريكي الآن أصبح اقتصادا ورقيا، وكون التضخم الحقيقي بنسبة 9% في أمريكا مما يعد مؤشرا سلبيا على نقود الأفراد لأن الألف دولار التي يمتلكها أي شخص في حقيقة الأمر قيمتها الفعلية 910 دولارات. في المقابل يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الوهاب أبو داهش أن الكونجرس الأمريكي عبر عن صعوبة قراءة الوضع السياسي، وخصوصاً بالنسبة لخفض الدين الأمريكي حيث يرى أنه المناسب أن يكون الخفض أربعة تريليونات دولار وأن هذا المستوى سيعطي القدرة الكافية للتحكم في النفقات ، وتوقع أن تستطيع الولاياتالمتحدةالأمريكية هذه الأزمة. وطالب السوق المالي تتبع هذه المؤشرات بدقة، واستبعد حدوث أزمة اقتصادية في شرق آسيا لأن الهند على سبيل المثال مازالت تتلقى الاستثمارات الأمريكية بكثافة. وأشار إلى أن دول العشرين ستساهم بدعم الأزمة المالية الأمريكية لأنها أزمة مالية وليست اقتصادية، ومن المهم أن نراقب تحسن عمليات خفض البطالة وتسريع النمو وتخفيض سعر الفائدة حتى وإن كان ذلك عن طريق ضخ سيولة إضافية ، فالمهم هو تجاوز أمريكا وأوروبا الأزمة المالية بدعم من المؤشرات الفعلية لانخفاض البطالة ورفع سقف الإنتاجية وكسب ثقة المستهلك.