استثمرتُ بعض أيام الإجازة في التحول إلى مراجع لبعض الاجهزة الحكومية، وبعض مؤسسات القطاع الخاص لمتابعة بعض الأعمال المعلقة. راجعت الجوازات والأحوال المدنية فلاحظت أنها تتطور بصفة مستمرة، وقررت أن أكتب مشيداً بما شاهدت في هذين الجهازين، انطلاقاً من أهمية تقدير الأداء ومن مبدأ (قل للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت) ومن مسؤولية الكتابة التي يجب أن تبحث عن الجوانب الايجابية قبل السلبية. وفي الجوازات تحققت منذ سنوات خطوة رائعة تتمثل في ايجاد مكاتب فرعية منتشرة في مواقع مختلفة من مدينة الرياض، وهي خطوة ساهمت في تخفيف الزحام وسرعة الإنجاز وهيأت الظروف الجيدة للموظف والمراجع. لاحظت حضور الموظفين في الوقت المحدد مع بدء ساعات العمل ماعدا- حالات استثنائية - كما لاحظت تطورا في أسلوب التعامل. وما سبق ينطبق على الجهازين (الجوازات والأحوال المدنية). الملاحظة الأهم هي أن المراجع إذا كانت أوراقه مكتملة حسب الأنظمة والاجراءات فلن يستطيع الموظف أن يعرقل انجاز معاملته. هل هذا شيء بدهي؟ نعم، ولكن لنتذكر الماضي القريب حين كان الجدل الصارخ بين الموظف والمراجع حول ورقه ناقصة، أو توقيع أو تعريف، وكيف كان المراجع يتوسل إلى الموظف بأن (يمشيها). الآن لا نلاحظ هذا السلوك فالاجراءات واضحة، والتقنية مستخدمة، وحتى الانتظام في الطابور أصبح حقيقة ونظاماً يلتزم به الجميع. وفي الأحوال المدنية (فرع المروج) وجدت مفاجأة جميلة وهي وجود آلية لتقييم أداء الموظف من قبل المراجع بصورة فورية حال الانتهاء من المعاملة باستخدام التقنية. لقد حضرت إلى فرع الأحوال المدنية بالمروج بصورة مبكرة، وسرني حضور الموظفين في الوقت المحدد، ولاحظت أن المشرف (صالح السلوم) لا يكتفي بالجلوس في مكتبه بل يتنقل من مكتب إلى آخر ويشارك الزملاء في الأداء والإشراف المباشر، ويتعامل مع كافة المراجعين بأسلوب ينم عن الاحترام والشعور بالمسؤولية. إنني مضطر الآن أن أوضح بأن ما أقوله هنا من إشادة بمن يستحق هو واجب، فالنماذج التي شاهدتها تستحق الاشادة والأساليب والاجراءات والتقنيات تغيرت وتطورت، وسلوك الموظف هو الآخر تغير إيجابياً في التعامل مع المراجع. إن التحول إلى الادارة الالكترونية حقق نقلة نوعية انعكست إيجابياً على الأداء والانتاجية والعلاقة بين الموظف والمراجع، وهذا ما لاحظته في الجوازات والأحوال المدنية حيث لم يعد هناك مجال للجدل فالنظام واضح والاجراءات واضحة، وسيقول لك الموظف بكل بساطة: "النظام لا يعطيني الصلاحية، يجب أن تراجع الادارة المركزية" أعود إلى الجوازات في الرياض فأقول إن التطوير الذي حصل فيها يجعلها تستحق أن تنتقل إلى مبنى جديد لائق ويتفق مع احتياجاتها ومع طبيعة عملها بدلاً من المبنى الحالي الذي لا يتفق مع حركة تطويرها، وهذا الكلام ينطبق أيضاً على الأحوال المدنية، ولكن الملاحظة الأخيرة تؤكد لنا أن التطوير يمكن أن يتحقق حتى مع عدم ملاءمة المبنى ، فالادارة ووضوح الرؤية والاخلاص هي التي تحقق التطوير، وليس المبنى..