انتهى فصل الصيف وجاء رمضان الكريم، وعادت قوافل المسافرين إلى أرض المملكة بعد أن قضوا إجازاتهم خارج البلاد ، ولو لم يحلّ رمضان لبقي الكثير في الخارج ، وإن كان هناك فئات آثرت البقاء خارج الحدود بحثا عن أجواء ربيعية تبعدهم عن رياح السموم. حديثي هنا ليس اعتراضاً على من قرر أن يقضي إجازته في الخارج ودعوته لقضائها في الداخل ، وإن كنت أتمنى ذلك ، ولكنه محاولة للوقوف عند عدد من المحطات للتأكد من توفر الحد الأدنى لدينا من ثقافة الإجازة. المحطة الأولى : من قضى إجازته في الخارج ، هل وقف مع نفسه ومع أفراد أسرته وحاول تقييم هذه الإجازة ، وماذا تحقق له، وماذا كان عليه أن يفعل ولكنه لم يفعل ؟ كثير منا يذهب إلى أماكن لم يسمع بها من قبل ويعتمد في ذهابه لها على ما قاله فلان. لايوجد لدينا تخطيط مسبق للإجازة وكثيرا ما نفكر ونقرر القيام بها خلال أيام . حجوزات غير مؤكدة في العودة ، ودوران بعد الوصول بحثا عن مكان للإقامة ، والوقوع ضحيةً لبعض العملاء والوسطاء. وعلى النقيض من ذلك هناك من يبدأون في التخطيط للإجازة قبل وقت طويل من موعدها ؛ يرتبون حجوزات سفرهم وإقامتهم ، ويقرأون عن البلد الذي سيذهبون إليه ، وأهم المعالم السياحية فيه ، ومنذ وصولهم إلى عودتهم والأمور تسير بشكل منظم والاستفادة والمتعة متحققة بأعلى النسب الممكنة. المحطة الثانية : كم بلغ حجم المصروفات لقضاء الإجازة ؟ قد لا يهتم البعض بإجابة هذا السؤال ولكن هناك من يتكبد المشقة في توفير ما يحتاج إليه من مصروفات سواء بالاستدانة أو بالتقتير على نفسه وأسرته طوال العام. لماذا نحمل أنفسنا فوق طاقتها لكي نقول لبعض الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء إننا لسنا أقل منكم وإننا قضينا إجازتنا على شواطئ الريفيرا ، أو في فنادق تطل على بحيرة جنيف أو مدن ديزني الترفيهية. صحيح أن المتعة قد تستمر أسبوعين أو ثلاثة ولكن هل تساوي التقتير على النفس والأسرة في أمور أساسية هم بحاجة إليها طوال العام؟! المحطة الثالثة : ماذا نزور وإلى أين نذهب ؟ بغض النظر عن البلد الذي نقرر قضاء الإجازة فيه ، وبغض النظر عن الأعباء المادية التي سنتحملها إلا أن كثيرا من وقت رحلات السياحة وقضاء الإجازة يذهب هدرا بين النوم والتسكع في الأسواق والمجمعات التجارية. نسبة غالبة من العائلات لم تتذوق في إجازتها طعم وجبة الإفطار المجانية التي تقدمها كثير من الفنادق فهم لا ينهضون من سباتهم إلا وقد انتصف النهار وحان وقت الغداء. في كل يوم يتكرر السؤال (أين سنذهب اليوم ؟) وتطرح مقترحات وآراء وغالبا ما تنتهي بالذهاب إلى أحد المجمعات التجارية وتناول العشاء في أحد مطاعم الوجبات السريعة. لماذا لايكون هناك تخطيط مسبق لكل أيام الإجازة وتحديد للأمكنة التي تستحق الزيارة؟ وهنا يمكن الاستعانة بالوكالات المتخصصة أو بالمسؤولين في الفنادق فهم أكثر دراية بالأماكن التي يقصدها الجميع من كل مكان. بعض الأسر يصر أفرادها على شراء منتجات متوفرة في أسواقنا ، وبسعر أقل ، ولكنها آفة التفاخر أمام الآخرين وبذلك يُستنزف جزء كبير من ميزانية الرحلة في أمور بالإمكان الاستغناء عنها. المحطات كثيرة ، والوقوف عند كل واحدة منها يحتاج إلى وقت طويل ولكنها في النهاية دعوة للترشيد والتقييم المستمر ، وإن كان لابد لنا من قضاء الإجازة في الخارج فعلينا أن نتزود بقدر كبير من ثقافة الإجازات والرحلات..