قبل وبعد أن تم إيقاف الاستقدام من أندونيسيا والفلبين لاتزال قضايا الخادمات تشغل بال الكثيرين ؛ بدءاً بكيفية الحصول عليهن ، ثم المعاناة معهن في المنازل ، وفي نهاية المطاف هروبهن قبل انقضاء المدة. على مدى السنوات الماضية كانت هناك سلسلة من المفاوضات مع المسؤولين في بعض الدول التي يتم منها استقدام العدد الأكبر من الخادمات، وكانت تنتهي في غير صالح المواطن من إملاء شروط جديدة ورفع في أسعار تكلفة الاستقدام، وغيرها من الشروط التعجيزية. ومع ازدياد الأمور سوءا بمنع الاستقدام من أكبر مصدرين له أخذ المواطن يتخبط يمنة ويسرة يبحث عن مخرج له تحت ضغوط أسرية كبيرة بضرورة توفير الخادمة. لم نستوعب الدرس جيدا، ولم ندرس كل الاحتمالات السيئة التي يمكن أن تقع ، ولم نضع الخطط البديلة ، وبعد أن اشتدت الأزمة لجأنا إلى دول لا تملك العدد الكافي الذي يلبي الاحتياجات، ولا تملك الخبرة ولا البنية الإدارية للتعامل مع أعداد كبيرة من طالبي الاستقدام، وبالتالي ازدادت قوائم الانتظار طولا ولم تحل المشكلة.. وإذا كان الأمر كذلك فما الحل ؟ هل تقبل ربة المنزل أن تعود إلى عصر ما قبل الخادمات، وتشمر عن ذراعيها، وتقوم بكافة الأعمال المنزلية يسندها في ذلك بناتها، إن وجدن وإن رغبن، أم تكشر عن أنيابها وترفع صوتها في وجه رب المنزل بالوعيد والتهديد إن لم يحضر لها خادمة ، ولو من تحت الأرض فستقلب البيت رأسا على عقب؟! الاحتمال الثاني هو الأقرب إلا ما ندر ، والنادر لا يقاس عليه. بعد التسليم بالاحتمال الثاني يبدأ رب الأسرة في البحث عن منجاة من التهلكة ولا يجد أمامه إلا مسلكين : أولهما التعامل مع وسطاء مشبوهين ومكاتب وهمية تتعامل بالهاتف فقط، وتزودك بالخادمة من أي جنسية تريد ، وبراتب شهري مبالغ فيه. مصدر الإمداد لهؤلاء الوسطاء هو الخادمات الهاربات من كفلائهن بعد إغرائهن برواتب أكبر وميزات أفضل. هنا لا إقامات نظامية ، والعمل في مكان غير منزل الكفيل والمحذور قد يقع في أية لحظة. المسلك الثاني هو البحث في إعلانات الصحف عن (خادمات للتنازل) وهنا يصعق المرء بأسعار تذكّر بتجارة الرقيق ، وإذا أردت الحصول على خادمة فعليك أن تدفع مبلغا يتراوح بين العشرين والخمسة واعشرين ألف ريال وفقا للجنسية والمواصفات. ولو افترضنا أنك من القادرين على دفع مثل هذه المبالغ فستبقى المشكلة في عدم وجود ضمانات للبقاء لأنك قد تتفاجأ بأن من دفعت فيها هذا المبلغ فتحت الباب وهربت إلى غير رجعة ، ولا تستغرب لو عرضها عليك أحد الوسطاء المشبوهين في يوم من الأيام في رحلة بحثك عن خادمة مؤقتة. إلى متى سنظل تحت ضغوط وشروط مشددة للاستقدام تفرضها علينا الدول المصدرة للعمالة ، ولماذا لا تكون هناك ضمانات تحفظ للمواطن حقه في التعويض حين تهرب الخادمة ، أو ترفض العمل؟ علينا الاستفادة من تجارب الآخرين والتفكير في تنظيم يرتكز على قيام مؤسسات أو شركات تتكفل بتوفير العمالة بكل أشكالها وتقدم الضمانات الكافية، ولو تحملنا قليلا من الزيادة في الرسوم بدلًا من دفع الآلاف في صفقة لا تعرف نهايتها..