تصاعدت وتيرة التنافس النسائي في الملبس بشكل لافت في المناسبات والأفراح، ما أدى إلى تكاثر «المشاغل النسائية» و»مراكز تفصيل الأزياء»، الأمر الذي سحب البساط من محال بيع الفساتين الجاهزة، وبالتالي بروز العديد من مصممات الأزياء المواطنات، سواء بأفكارهن أو بأعمالهن الجميلة. وتقف مشكلة «طلبات النساء» عائقاً كبيراً للمصممات، حيث إن بعض النساء يطرح مجموعة من الأفكار الغريبة؛ بهدف الظهور ب «حلة ملفتة»، حتى لو كلف الأمر الخروج عن المألوف إلى بتر العرف والتقاليد الحاكمة للمجتمع. خياطة النقود! في البداية قالت «رؤى الخطيب» مصممة أزياء: إن إحدى النساء الموظفات من زبائنها طلبت منها خياطة بعض النقود من فئة (500) ريال في فستان فرح أخيها، وحين سألتها عن السبب بررت الطلب بهدف الحماية من العين والحسد!، مبديةً إنزعاجها من كثرت الطلب على إلصاق صور الفنانين والفنانات على الفساتين. وبرغم محاولات المصممة «رؤى» الارتقاء بالذائقة عبر اشتهارها بكتابة الأشعار الفصحى على الفساتين، إلاّ أن العميلات يطلبن شعراً غزلياً وشعرا هزلياً وأغاني متدنية المستوى، بل وصل الأمر إلى أن إحداهن قالت: «لا أريد فستانا مطرزا بالقصائد لكي لا يعتقد الحضور أنني أرتدي فستان يحتوى طلاسم سحرية وشعوذة!»، كاشفةً عن خصام تم بين أم وابنتها المراهقة؛ بسبب أن الأخيرة طلبت من المصممة فكرة وضع «ثعبان» مجسم مرصع ب»الكريستالات»، غير أن والدتها وبختها قائلةً: «هل تريدين أن تكوني ثعبان يبحث عن وكرة ويستهزئ بك المعازيم؟». أفكار غريبة وأوضحت «رؤى» أن هناك أفكاراً غريبة جداًّ، منها وضع صورة «جمجمة» أو وضع «سيديهات» أو «أوراق البلوت»، مؤكدةً أن هناك العديد من النساء اللاتي يقبلن بأفكارها، بل ويقدمن أفكاراً غاية الروعة وفي حدود القبول المجتمعي الذي يلفت الانتباه ولا يخدش الحياء أو الذوق العام، ما يجعلها وزميلاتها في هذا المجال يبحثن دائماً عن تطوير قدراتهن من أجل المنافسة العالمية، ليكون هناك هوية لتصميم الأزياء، لاسيما وأن الموروث السعودي يزخر بالإبداع الفني. ثلاث فئات ولتشخيص الواقع النفسي لتلك الأذواق، قال «د. سالم المفرجي» أستاذ الإرشاد النفسي بقسم علم النفس بجامعة أم القرى: إن المتتبع لأساليب التفكير لدى النساء في مجتمعنا في تعاملها مع الموضة وتصاميم الأزياء وطرق التعاطي معها، يجد أنهن انقسمن إلى ثلاث فئات؛ الفئة الأولى اتخذت المرأة الغربية قدوة لها، وأصبحت تقلدها في كل شيء، فأصبحت الموضات الغربية والزينة تدخل في لباسها دون مراعاة لمبادئ ديننا الحنيف وقيم مجتمعنا الأصيلة، والتي حفظت للمرأة قيمتها وكرامتها، أما الفئة الثانية فهي تعيش نوع من التخلف والجمود ورفض كل ما هو جديد في عالم المرأة، وهذا يؤدي إلى تجميد دورها في المجتمع، مشيراً إلى أن الفئة الثالثة والأخيرة هي من تتعاطى مع الموضة وتصاميم الأزياء بطريقة إيجابية، بل وبمرونة عالية في التفكير والاعتدال والتوازن، فهي تصمم أزيائها بطريقة تتوافق مع متغيرات العصر الحديثة دون المساس بثوابت ديننا الحنيف وقيم وعادات مجتمعنا. رؤية نفسية وذكر «د. المفرجي» أنه إذا أردنا تقديم رؤية نفسية تحليلية للفئة الأولى من النساء وأساليب التفكير لديها وتصميمها لأزيائها بهذه الطريقة السلبية، نرى أن هناك أسباب عديدة أثرت بشكل مباشر في وصول هذه الفئة إلى هذا المستوى من التفكير غير العقلاني، فوسائل الإعلام بمختلف أشكالها تغري النساء بالتشبه، مضيفاً أنه يتأثر كثير منهن بما يعرض عليهن، ليخرجن عن الدين والخلق وعن قوامة الرجل دون تفكير أو تمييز بين الخير والشر، أما السبب الثاني والمهم من وجهة نظري هو فقدان الثقة بالنفس، إلى جانب مشاعر النقص التي تعتري هذه الفئة من النساء، فالثقة بالنفس هي جواز لمعترك الحياة مستقبلاً، وهي إحدى الخصائص الانفعالية الهامة التي تلعب دوراً أساسياً في حياة الأفراد، بل وتساهم بشكل كبير في تحقيق توافقهم النفسي. مفهوم إيجابي وأكد «د. المفرجي» على أن ثقة الفرد بنفسه ترتبط بمفهومه الإيجابي عن ذاته وبتقديره المرتفع للذات، ومن ثم فهي تلعب دوراً هاماً في تحقيق الفرد لذاته، مما يكون له أكبر الأثر في تحقيق الهوية الإيجابية، وهي سمة أحادية البعد على خط متصل يمتد من الثقة بالنفس المنخفضة إلى الثقة بالنفس العالية، مضيفاً أنه تظهر الثقة بالنفس العالية في إحساس الفرد بالثقة بدنياً وشخصياً ومهنياً، وبقدراته ومهاراته وخبراته الجيدة، وكذلك تقبل الآخرين له وثقتهم فيه، مشيراً إلى أن الثقة بالنفس المنخفضة تظهر في إحساس الفرد بالشعور بالنقص، وضعف الروح الاستقلالية، والتردد والحساسية للنقد، وكذلك الانقياد، ونقص المهارات الاجتماعية، وعدم تقبل الآخرين له، إلى جانب قلة الاتزان الانفعالي. فقد الثقة وأوضح «د. المفرجي» أن المرأة عندما تفقد ثقتها بنفسها وتعتريها مشاعر النقص تتأثر علاقتها بالآخرين سلباً، ما يؤدي إلى اتخاذها لعدد من الأساليب التعويضية التي من خلالها تحاول إبراز ذاتها وإظهار نفسها بمظاهر غريبة الهدف، مع إكمال جوانب النقص لديها، فيكون التعبير الحسي والمادي لذلك هو تصميمها لفستانها بطريقة غريبة وغير مألوفة، تشبع حاجتها للظهور، ولكن هذا الظهور مخالف لعاداتنا وتقاليدنا ولهويتنا العربية والإسلامية.