أسعار النفط تتحرك بالقرب من أدنى مستوياتها وسط مخاوف الركود    نحو اقتصاد مستدام    اقتصاد المملكة.. من "الانكماش" إلى "النمو"    غزة: 80 % فقدوا مصادر الغذاء    التصعيد في اليمن.. الولايات المتحدة تواصل ضرباتها والحوثيون يهددون بالتصعيد    الغيرة تشعل هجوم العالمي    مشروع الأمير محمد بن سلمان يطور مسجد السعيدان بالجوف    ولي العهد يُطلق خريطة العمارة السعودية    الكوادر النسائية بأمانة المدينة.. تعزيز جودة العمل البلدي    نيوكاسل يسقط ليفربول بثنائية ويتوج بكأس الرابطة للمرة الأولى    نائب أمير منطقة تبوك يشارك الأيتام إفطارهم    نائب أمير نجران يثمَّن جهود الأفواج الأمنية.. ويكرم الطلاب المميزين    إعادة تفعيل عضوية الجمهورية العربية السورية بالبنك الإسلامي للتنمية    محمد بن ناصر: المملكة تضم نخبة من المميزين والمبدعين    مبادرات دينية على منصة المعرض الرمضاني الأول    مكة في عهد الوليد بن يزيد.. اضطرابات سياسية وتأثيرها على إدارة الحرم    وزير البيئة يُطلق برنامجا تمويليا بقيمة مليار ريال    استقرار التضخم في السعودية عند 2.0% خلال فبراير    السعودية تحبط تهريب 7 ملايين قرص إمفيتامين في العراق    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : سراج السمن    من الصحابة.. سهل بن حنيف رضي الله عنه    قرار من جيسوس في فترة التوقف    الهلال يخسر لاعبه في الديربي أمام النصر    جامعة الأمير سلطان تحصل على براءة اختراع لحماية حقوق المحتوى الرقمي    دول مجلس التعاون تخطو خطوات كبيرة وقيّمة لمكافحة الإسلاموفوبيا    مستشفيات المانع تقيم غبقتها الرمضانية السنوية في الخُبَر    الهلال الأحمر بالمدينة يباشر أكثر من 8000 بلاغًا منذ بداية رمضان    انطلاق «بسطة خير» لتمكين الباعة الجائلين    "أبشر" تتيح تجديد رخصة القيادة إلكترونياً    تحذيرات من العواقب الكارثية لانهيار «الأونروا»    ولي العهد يبحث مستجدات الأحداث مع رئيسة وزراء إيطاليا    اللجان الأولمبية الإفريقية تعترف بالاتحاد الدولي للهجن    ضمن تصفيات مونديال 2026.. الأخضر يبدأ تحضيراته لمواجهتي الصين واليابان    تعزيز البيئة الاستثمارية في مكة    «المداح.. أسطورة العهد» مسلسل جديد في الطريق    التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية    لبنان.. رسالة أمريكية لتسريع حصر السلاح والانتشار بالجنوب    "سعودية" تبتكر تقنية متطورة لتوثيق نبضات الأجنة    جمعية «صواب» تطلق مشروع «العزيمة» للتعافي من الإدمان بجازان    هل تتعرض أمريكا للهجرة العكسية    اختصاصي شؤون طلابية: احموا المدارس من العدوى    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    وغابت الابتسامة    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكسري جناح الذل
أحاديث في الأدب الشعبي
نشر في الرياض يوم 03 - 08 - 2011

«كل عام وأنتم بخير» عبارة نرددها في الأعياد والمناسبات السعيدة، ورمضان شهر كريم جدير بالفرحة والتهنئة بقدومه، والدعاء إلى الله تعالى أن يكتب لنا فيه من أسباب الخير ما تصلح به حياتنا، وتنجو به آخرتنا من عقوبة سيئ الأعمال. والناس يجدون في هذا الشهر فرصة لفعل الخير وكسب الخير، ومبرراً لحسم التردد، والإقدام للتواصل مع من قطعنا الصلة بهم، وتجاوز الشحناء، وفتح قنوات جديدة من العلاقات الطيبة ونسيان الأحقاد، وذلك استجابة لدواعي الخير التي يدعو إليها الخلق الكريم. وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى وشرح صدورنا لطاعته والتسامح الذي هو من خلق المسلم، وكل عام وأنتم بخير.
أما «كسري جناح الذل» فلعله اقتباس من قوله تعالى: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً). ونحن اليوم أمام لون من الشعر الشعبي في باب العتاب، وشاعرنا من شعراء القرن العاشر أو الحادي عشر الهجري. ويدعى الشاعر الكليف ولا تتوفر لدي معلومات عن هذا الشاعر الذي لم يعرف له كثير من الشعر، ويذكر أنه معاصر للدولة الجبرية في شرق الجزيرة العربية، بدلالة قصيدة أنشأها في أحد حكامها، وهو مقرن بن قضيب الجبري. أما قصة قصيدة العتاب فقد نظمها عند ما غادرت أمه داره إلى دار أخيه الأصغر، ومن مجريات الأحداث الاجتماعية في مجتمعنا منذ تشكيله أن عاطفة الأم كما أشارت الاعرابية عن أحب أولادها إليها فقالت: «مريضهم حتى يشفى وغائبهم حتى يعود وصغيرهم حتى يكبر»، ربما عنت بذلك عندما يكونون في كنف دار واحدة، أما وقد استقل كل منهم بمنزل وزوجة وكون أسرة جديدة، فإن الأمر يختلف إذ يخضع كل منهم لظروف وواجبات أسرية تؤثر في علاقته بالآخرين، ولكن الأم تظل أماً تتمسك بحق الأمومة، ولا ترى أن طرفا ما يسلبها هذا الحق مهما كانت الأسباب، والزوجة كما نعلم أول العوامل المؤثرة في هذه العلاقة، وقد نجد من الأمهات من تتنازل عن حق الأمومة في سبيل خفض جناح الوفاق على الأسرة وإراحة أفرادها من المنغصات، وزوجات الأبناء منهن من تسلك سلوك هذه الأم في التسامح وسد باب التصدع الأسري، فتسالم من أجل الوفاق، ومنهن من تجد في التسامح إهداراً لحقها في تشكيل أسري يخضع لرؤيتها الموائمة لجيلها ومتطلبات قيمه. على أية حال، لا تعنينا أسباب خروج الأم من بيت ابنها الأكبر إلى بيت ابنها الأصغر، فقد يحتاج إلى وجودها إلى جانبه، وربما استعذبت علاقة زوجته بها، وقد يكون أعزب، أو هو خروج مؤقت وليس لدافع غضب أو عدم ارتياح لدى الابن الأكبر، وما يعنينا هو النص الشعري والقيمة الاجتماعية للحدث الذي أثار الشاعر وآلمه ألا يرى أمه في مكانها الذي تعود رؤيتها فيه. ولعل النص يوحي بأن مغادرتها كانت مغاضبة، وأن الشاعر تألم كثيراً لغضبها وخروجها فيقول:
إلى الله مشكي ليعة ما دري بها
جمار ولا عند البرايا حكي بها
كنّيتها بالقلب والقلب ما صبا
يوم عليها والمقاسي صليبها
صليب على الدنيا صبور الى قست
ليالي سنين قد عوى اليوم ذيبها
ليس إلى غير الله ترفع شكوى جسام الأمور، بهذا يجسد الشاعر مصيبته، ومع ذلك فهو صبور جلد ولم يخضع لحادثات الليالي والأيام، ولكن هذا الحدث قد يجبره على إبداء ضعفه أمام مواجهة غضب الأم، والذيب يعوي عندما تعجزه الحيلة التي لا تعجزه عادة لأنه ذئب وهب من الجلد والشجاعة والاقدام ما يهوّن عليه مواجهات الظروف القاسية، والشاعر يجد نفسه اليوم في هذا الموقف الذي لا يحسد عليه. ثم يعلن عن القضية:
جفتني وعافتني ونسيت جما يلي
وزهدت بنفسي يوم قصّر نصيبها
فليتي مع الموتى تقدّمت ما رأت
عيني فراق اللي عسى الله يثيبها
وياخذ بأياديها إلى هي على البقا
مع طول عمر فيه وانا حبيبها
إذاً، كان خروجها غضبة منها ومجافاة له عندما ضعف حظه من الدنيا، أو ربما كان ذلك سببا في مفارقتها داره. ويعبر عن ألمه بتمني الموت قبل فراق أمه، متمنيا لها البقاء:
شكيت لرافع السما باسط الوطا
سميع الندا من عاجز يشتكي بها
بلوى مفاجات على غير حادث
دهتني وربي عالم وَيْش لي بها
وثيق عليها آمن ساية الخطا
لو بالمَثْل أخطيت لي تستحي بها
ويرفا خطايا خملتي طيب حلمها
حيثي بحال عاد ما ينحكي بها
إلى عاد ما يشفق على العبد والده
ويرفا لخملات الضنا عن معيبها
فلا الناس أرحم بالفتى من كريمة
تراني بدنيا قد شبانى دبيبها
والى بان من وجه الليالي على القسا
وجه الحفا وايامها تبتلي بها
إنه يشكو سوء ما آل إلى حاله من صروف الزمان إلى الله، وهو من يستجيب إلى ندائه ويسمع دعاءه، وهو العالم بخفايا الأمور. وفي الأبيات عتاب رقيق و«شرهة»، وكان ينتظر من حلم الأم أن تتجاوز عن خطئه، وتدمح زلاته. ومع ذلك فلا عتاب على أم وجب على الابن خفض جناح الذل لها، وهو يعترف بوقوع الخطأ منه بأسباب صروف الزمن وقسوة الأحداث وابتلائه بها حين علقت به شباتها. إنه قوي لمواجهة هذه الصروف ولكنه لا يقوى على إغضاب أمه، ولا حول ولا قوة إلا بالله:
ثقافة سنين الوقت فينا ولا بقى
عقب الرجا بالله وهو رغبتي بها
ثم يعلن امام هذه الأحداث القاسية التي لا قوة له بمواجهتها:
فلا هزني أو خل بالحال مثلما
سيرة سواة امي بمن يختشي بها
خوف العقوبة من الله والحيا
عند الملا بظهورها من حكي بها
على غير مزعول زعلها فغاضني
تيمم هواها دار غيري وهي بها
ترخص بلامى من له الوجد قد يرى
جسم وانا بالوجد كنّي عطيبها
مصاب بفرقى عين من ليس مثلها
عندي ولا حي يجاري خطيبها
هي نور عيني ثم روحي ونعشتي
وهي النفس واسقام حالي غطي بها
وهي الرجا والخير في شوف من عسى
ربي بعلم اسرار لطفه يجي بها
ثم يصور دخوله المنزل ثم لا يراها به فيقول:
من هو لها مثلي إلى خَشْ ما نظر
بالبيت غير امه وجا يحتظي بها
إلى قوله:
يهدا جناب امي عن الغيظ بعدما
نحتني بلام البعد وانا التوي بها
وقوله:
أبكى على من شرف الله قدرها
بالدمع دم ثم هلي سكيبها
وقوله:
وابكى على عد الفراسخ اذا هوت
رجلى ولا شفتي بداري خبيبها
وأخيراً يوجه الدعاء إلى الله أن يرد أمه إلى البيت:
ولكن ذا أمر من الله كاتبه
على العبد وارجي من الهي يجيبها
وارجي بتسخير الولي سالك السما
بلطفه يسخرها لمن يقتدي بها
وتبلغ القصيدة ستة وستين بيتا كما وردت في كتاب «خيار ما يلتقط من الشعر النبط» لجامعه الأستاذ القدير عبدالله بن خالد الحاتم. وفي القصيدة معانٍ رفيعة وقيم جميلة، وبعيدة عن التعرض بذم لمن تسبب في القطيعة، فقد شغل الشاعر بمعاني بر الوالدين. وحقوق الوالدة على أبنائها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.