كثيرًا ما تطالعنا كتب الأدب ، والمصنفون في حقل الأدب العربي بأحكام جاهزة لا زالت تدرّس لطلابنا على مقاعد الدرس ، ومن تلك الأحكام الجاهزة ما يخصون به الشعر العربي من ميزات وكأنها لا توجد في الآداب الأخرى ؛ من ذلك مثلاً أغراض الشعر العربي مثل الهجاء والفخر . صحيح أن بعض هذه الأغراض موجودة في الآداب الأخرى حتى ولو لم تتسمَ بأغراض هجاء أو مديح على سبيل المثال لكن لا يمكن نفيها عن آداب بقية الأمم لهذا السبب الواهن. والإلياذة على سبيل المثال لا تخلو من فخر، سطرها هوميروس كملحمة تصف حرباً، لكنها موغلة في النضج الشعري الذي كان فخرًا في أجل صور الفخر الإنسانية. والنزعات الإنسانية ، وكذا ما يمكن أن يدور بخلد شاعر ما ، سيتشابه مع ما يدور بخلد شاعر أخرى في نواح إنسانية كثيرة ، حتى وإن اختلفت اللغة الشعرية ، وفي نهاية المطاف ما اللغة إلا وعاء ، فلا يمكن أن ننفي أغراض الشعر في الآداب الأخرى لمجرد عدم تسميتها بمديح أو هجاء ، ولا يمكن أن نعتبر هذه خاصية تختص بأدبنا العربي ونصوره أدبًا فريدًا من نوعه ، ونتجاهل الآداب الأخرى كوننا نجهلها أو أن الترجمات التي وصلت عنها ناقصة أو غير صحيحة – وبالذات لدى المصنفين القدماء – وجاء من يختار بعض مصنفاتهم القديمة ليصبح بعض تلك الآراء تدرس في بعض مقررات مراحل مختلفة من التعليم العام.. مما يجعلنا بحاجة إلى مراجعة كاملة وحقيقة لبعض ما تضمنته كتب الأدب من تلك الآراء النقدية .