تسممت إحدى القريبات هي وابنتاها وأزواجهما الشباب جراء تناول وجبة سريعة فاسدة أو مسمومة من أحد مطاعم جدة، وظلوا بالمستشفى ليومين يعانون أعراض التسمم، وعندما عرفت سألتها: هل تقدمتم بشكوى؟ قالت: لا وسألتها لماذا؟ قالت نشتكي لمن وعلى من الشكوى لله فقط حسبي الله عليهم. تسممت الأسرة وغاب الحساب للفاعل كالعادة في مثل هذه الأمور حيث يتم الاكتفاء بإغلاق المطعم ليومين أو يوم واحد، وقد يدفع غرامة، ولا اعتقد انها للمتضرر من التسمم، الذي سيتعالج دون شك على حسابه في حين انه يجب أن يتحمل تماماً كل تكاليف العلاج وغرامة مادية باهظة، كما هو معمول به في كل الأنظمة في العالم. وأنا أمر منذ يومين من جانب احد فروع المطعم وألمح الاكتظاظ بالداخل وصفوف الانتظار تخيلت كم شخصا قد تسمم؟ وكم شخصا في الطريق، وهو ما ينطبق على كثير من المطاعم المنتشرة في المملكة «المطاعم المسممة» والتي تعاني من سوء في مستوى النظافة والعمالة غير النظيفة، وأدوات المطبخ الرديئة، وانخفاض مستوى الاهتمام بالعميل، حيث انه سوف يشتري ولن يسأل عما يجري في الداخل وما يصاحبه من تلوث أو أطعمة فاسدة، أو حيوانات نافقة، أو طيور منتهية الصلاحية، أو مجمدة منذ سنوات. الغريب أن الناس تشتري ولا تحاول أن تعرف ما يجري في الداخل وبالذات في المطابخ. ولا تدافع من حقها من منطلق مناهضة الفساد والتسيب، والاحتفاظ بالحقوق ان تسمم أحدهم أو شعر وهو يأكل أن الطعام سيئ أو لا يمكن تناوله. أمير منطقة المدينةالمنورة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أعطى صورة جيدة لسياسة الردع السريع الذي لا يصحبه تراجع من خلال أمره باستمرار ايقاف سبعة وافدين من جنسيات عربية يعمل أربعة منهم بدون شهادات صحية في أحد المطابخ في حي الحرس اعتادوا على تقديم لحوم أغنام نافقة ومريضة ومجهولة المصدر للمترددين على المطعم، وإحالتهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال اجراءاتهم، ومن ثم عرضهم على القضاء الشرعي لتقدير العقوبة بحقهم وعدم الاكتفاء بالغرامات المالية. وقد طلب سموه من المواطنين والمقيمين التعاون مع الأجهزة المختصة وتفعيل هذا الدور من خلال الابلاغ عن أي مخالفات يرتكبه مثل هؤلاء. واعتقد أن على المواطن عدم الصمت على استلاب حقه والمطالبة به والإصرار عليه وعدم انتظار المسؤول ليأخذه له. فمن تسمم أو تضرر من مطعم عليه أن يشتكي ويصر على هذه الشكوى حتى وإن تدخل من له مصلحة وحاول إسكاته، أو منعه من الاستمرار وإلا ماذا يعني أن تظل بعض المطاعم مفتوحة وعليها كم هائل من المخالفات، ولا يعنيها شكوى متضرر صغير ومن يحمي مثل هؤلاء؟ في قضية المدينة الملاحظ أن من يبيعون على أبناء المدينة الطيبة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم الأغنام النافقة ويستمتعون بإطعامهم بها هم وافدون حضروا ليمارسوا الفساد والغش ووجدوا كل الطرق مفتوحة لهذه الممارسة، فتحوا مطعما أو مطبخا وباعوا طعاما بلحم غنم نافق ومريض لمدة الله وحده يعلم كم هي وكم عدد من تناول تلك الوجبات الفاسدة؟ عملوا دون شهادات صحية وأيضاً دون إقامات وما أعرفه ان أي مطعم منذ افتتاحه يُطالب عماله بالشهادات الصحية وأيضاً الاقامات فكيف عملوا دون ذلك؟ ما يعني في الأمر أن المخالفين عملوا كل شيء دون خوف أو رقابة إلا عندما رصدتهم جولة البلدية التفتيشية. فساد يفتح أبواب بعض المواطنين والمقيمين بجرأة لا يحسدون عليها وباطمئنان بأن الحساب لو جاء فلن يأتي الآن، وقد يأتي مستقبلاً وينتهي بغرامة أو تراجع شاك عن حقه لعجزه عن المواصلة. فساد يتواصل في ظل ثقافة تعتمد على عبارة.. وأنا مالي أوجع رأسي أو أنا فاضي للشكاوى.. أو على ماذا ستنتهي تصالح أو تدخل آخرين لإغلاق الملف.. تُرى في ظل هذا الانتشار الرهيب لمطابخ الأرز واللحم بأنواعه كم مطبخ يستحق شهادة الجودة أو كما يقال في الغرب ويعتمد اعطاء نجمة للمطابخ والمطاعم البارزة والتي يسعى أصحابها لسنوات للوصول إلى هذا الشرف شرف النجمة وليس شرف الأموال السائبة من جيوب الغلابة مقابل وجبات مسممة..!!