تعيش التناقضات اعلامياً وأنت تتابع أهم حدثين متناقضين على المستوى الإعلامي حاليا، تتحسر على الأخبار الخاصة بالتهديدات والتصفيات الشخصية لعدد من الإعلاميين وخصوصا من مذيعي قناة الجزيرة الفضائية من قبل النظام السوري، وتندهش للقوة المؤثرة لمؤسسة " نيوز كورب" الإعلامية التي يرأسها قطب الإعلام روبرت مردوخ وما يدور حولها من اتهامات خطيرة خاصة باختراقات لرجال الامبراطورية وصلت الى اتهامها بالتنصت على هواتف ودفع رشاوى لمسئولين في الشرطة! نحن نعيش في عصر وهم يعيشون في عصر، لم نتطور اعلاميا الا كأجهزة ووسائل تقنية، إعلام بقوة الدول بما تملكه من اسلحة نووية ومعدات، التاريخ يواصل تأكيد وسطوة السلطة الاولى وليست الرابعة بالدول المتقدمة والأكثر منا حضارة، ونحن لازال مفهومنا عربياً للإعلام لا يتعدى التحريض والكذب والغباء المتفشي، مهما كانت مصداقية او كذب التهم التي تحوم حول امبراطورية مردوخ الا ان قوة هذا الاعلام تعرينا بالفعل بكل ما تعنيه الكلمة، ليبيا يموت بها الكثير من ابنائها يوميا والطائرات تقصف اراضيها، وغباء النظام الليبي يجيش ويدعم قنوات متخلفة لكي تضع وفي بث مباشر صورة مكررة لمجموعة من المرتزقة الذين ينادون بروح العقيد القذافي والهزيمة للامبريالية، والمئات يقتلون في سوريا وقناة رخيصة تبجل تصرفات النظام.. قضية "نيوز كورب" تعطينا دروساً عديدة في الثقافة الاعلامية، من اهمها ان سلطات الدول المتقدمة عندما تتهم أي وسيلة اعلامية، لا تتهمها بالعموميات وتأليب الناس عليها، اتهاماتهم راقية والقضاء له دوره، فالأمر ليس قوة وهيمنة دول وانما حقائق ومعلومات وقضايا وحفظ حقوق واحترام متبادل بين الجميع، تخيلوا لو في عالمنا المتأخر تم الشك مجرد الشك بما حدث لإحدى مؤسسات مردوخ، ماذا سيحدث لصاحب الامبراطورية والعاملين فيها حتى من يعمل القهوة فيها، مع هذا الدرس نتألم عندما تخرج تصريحات من مسئولين كبار في النظام السوري يعتبرون فيه ان استمرار الثورة وعدم الاستقرار في سوريا سببها الإعلام، تخيلوا هنا التعميم كالعادة ونقول مسكين ياالإعلام في عالمنا! أي إعلام عربي نتحدث عنه ونحن نضحك ونتعجب عندما نشاهد الانقلاب نعم الانقلاب بالمصداقية والتلاعب بالتاريخ عندما نتابع الكثير من برامج الفضائيات المصرية، ونشاهد نفس الوجوه التي كانت تمجد وتهلل للنظام السابق، تهاجمه وتفتح عليه النار، شاهدوا معتز الدمرداش وعمرو اديب لتعرفوا الكثير والكثير من التناقضات وتحملوا النتائج، اين العراق ومثقفوه وإعلامه الغارق بالمحلية والمتخم بالقنوات الطائفية، تساؤلات عديدة تبحث عن إجابتها وأنت تستعرض واقعنا الإعلامي، اصبح الكثير من "الفاضين" على التويتر والفيسبوك أوصياء على المجتمع، وخربشاتهم التي يزعمون انها سياسية هي القاسم المشترك في فضاء الشبكة العنكبوتية، وهم لا يلامون في ظل غياب المفهوم الحقيقي للاعلام وانتظارنا لتصفيات جسدية لمذيعين ذنبهم الوحيد انهم يقرأون الحقيقة وليس يقولونها، شاهدوا اعلانات معارض السيارات في سوريا وقيمة هذه الاعلانات في طمس الحقائق والهجوم على دول، وتذكروا ان ارباح امبراطورية روبرت مردوخ الاعلامية وصلت الى اكثر من 32 مليار دولار وللتذكر أكثر اضربوا الرقم ب (3,75) لتعرفوا ان هناك تناقضا ما بين إعلامنا وإعلامهم كشعار "زنقة زنقة" التي تحولت لأغنية بالمراقص والكابريهات العربية!.