تشهد السياحة الخليجية البينية ارتفاعا واضحا خلال الصيف ، وخصوصا في شهر رمضان المبارك والذي تفضل فيه العائلات الخليجية والعربية قضاء الشهر الفضيل في بيت العائلة في نفس الوطن أو مكان قريب منه، لذا فالمؤشرات تشير إلى بروز سياحة خليجية جديدة مرتبطة بشهر رمضان المبارك، سيكون أكثر المستفيدين منها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، حيث ستستفيد الأولى من البنية التحتية والمرافق السياحية المتكاملة فضلا عن استقبال بعض العوائل الخليجية والعربية نظرا للاستقرار والامان التي تنعم به ، فيما ستكون السياحة المرتبطة بالعمرة في شهر رمضان من نصيب المملكة هذا العام حيث يصادف رمضان في الاجازة الصيفية وعطلة المدارس. رمضان الخليجي ويتوقع الخبراء أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي انتعاشا في أعداد السياح القادمين إليها بالاضافة الى المقيمين الذين فضلوا البقاء هذا العام في مكان اقاماتهم خصوصا مع تفضيل كثير من العائلات الخليجية قضاء شهر رمضان في بلدانهم أو بلدان خليجية ترتبط بذات العادات والتقاليد الرمضانية. وبمناسبة قرب شهر رمضان المبارك وبداية اجازة الصيف التقت "الرياض" بعض الخبراء المختصين في مجال السياحة والسفر وبعض العوائل العربية المقيمة بالامارات ،حيث أكدوا أن دول الخليج الأقل تأثرا بالاضطرابات السياسية الاقليمية والأكثر أمنا واستقرارا فضلاً عن إتاحة الخدمات وعدم انقطاع الكهرباء والماء في فصل الصيف ، وهو ما يحصل في بعض الدول العربية فضلاً عن الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار ، ورغم حرارة الصيف وغلاء الإسعار والضغوط النفسية علينا والحنين الى الأهل فضلنا البقاء في الخليج الملتهب بحرارته ولكنه ينعم بالأمن والاستقرار. وأضاف الخبراء أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تشهد انتعاشا في السياحة ، وسوف تكون الوجهة المفضلة هي دولة الامارات لان العوائل العربية والخليجية الذين اعتادوا السفر الى بلدانهم خاصة سوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن تعاني هذه الدول بعض الاضطرابات السياسية. وتفصيلاً ، قال الخبير الاقتصادي زياد الطحش ل"الرياض" إن الاضطرابات الأمنية الناجمة عن التظاهرات والاحتجاجات الشعبية ببعض الدول العربية على مدى الأشهر السابقة والتي لا يزال بعضها مستمراً حتى اليوم، غيرت معالم الخريطة السياحية في الشرق الأوسط لهذا العام، ودفعت العديد من السياح الأجانب للبقاء بعيدا عن المنطقة، الأمر الذي سيفقد ميزانيات هذه الدول مليارات الدولارات من العملات الصعبة في عام 2011، وأشار الطحش أما بالنسبة للسياحة العربية البينية، فقد جاءت هذه الاضطرابات لتوجه ضربة قاسية لها خاصة بالنسبة للدول العربية التي تعتمد إلى حد كبير على السياح الخليجيين وعلى مواطنيها المقيمين بالخليج العربي والذين يزورون بلدانهم سنويا وينفقون الكثير من الأموال فيها، فإلى جانب ابتعاد السياح الخليجيين الذين يتمتعون بقدرة إنفاق عالية عن الأسواق العربية وتوجه معظمهم نحو الأسواق الاوروبية (لندن، باريس، جنيف، فيينا) وأيضاً تركيا بدأت تستقطب عدداً متزايدًا من السياح الخليجيين نظراً لأسعارها المعتدلة والآمان التي تتمتع به وكذلك العادات والتقاليد المتقاربة، فإن العديد من الوافدين العرب في دول الخليج العربية يفضلون هذا العام أن يمضوا إجازاتهم الصيفية في دول أخرى أو في الدول التي يقيمون فيها الأمر الذي سيدعم السياحة المحلية في دول الخليج العربية خاصة في بلد مثل الامارات الذي تتمتع ببنية سياحية متطورة توفر خدمات متنوعة لجميع أفراد العائلة. وأضاف الطحش : ستكون مصر وتونس وسوريا من أكثر الدول العربية تضررا في قطاع السياحة هذا العام، خاصة وإن جميعها تعتمد إلى حد كبير على السياحة الخليجية وعلى سياحة مواطنيها في فصل الصيف، وكذلك لبنان تأثرت بالأحداث في سوريا على الرغم من تشكيل حكومة جديدة مؤخرا، مع العلم بأن كثيرا من المواطنين الخليجيين يمتلكون منازل لقضاء عطلة الصيف في الدول المذكورة ولكن هذا العام سيضطرون لإبقاء هذه المنازل مغلقة إلى حين عودة الهدوء والأمان إلى هذه الدول. واشتكت ريما رباني فلسطينية من سكان لبنان مقيمة في أبوظبي من ارتفاع أسعار تذاكر السفر خلال موسم الصيف مقارنة بالأسعار خلال الأيام العادية ، وكذلك قصر مدة الاجازة فبعد أن كانت مدتها 3 أشهر أصبحت شهراً ونصف ، مع قرب شهر رمضان المبارك الذي يدخل على اجازة الصيف هذا العام ، إذ إن غالبية الاماراتيين والعائلات العربية تفضل قضاء شهر رمضان بين ذويهم وأهلهم. أما منير الخفش فلسطيني يعيش في دبي فقال تعودت منذ قدومي الى دولة الامارات زيارة الأهل والأقارب خلال الاجازة الصيفية ، لأن حنيني إلى أهلي ووطني كان أكبر من أي وقت آخر، ورغم التكاليف الباهظة للسفر الى الاردن ومن ثم الى الضفة الغربية الا انني قررت السفر ، وكنت أرغب في البقاء لوقت أطول ولكن ارتباطي بالعمل وقرب قدوم شهر رمضان المبارك جعلني أعود بسرعة. وقال رمضان سالم مواطن ليبي يقيم في الامارات مع عائلته قمت بالغاء الاجازة نظراً للوضع السيئ والاضطرارات السياسية في بلدي الذي لا أعرف أين تتجه الأحداث بهذا البلد الذي انقسم الى قسمين بين مؤيد ومعارض ، وسوف ألغي إجازتي وأقيم مع أطفالي في دولة الامارات العربية المتحدة ، وأنوي التوجه الى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة. وقال المواطن اليمني صالح عبد الرحمن من أبوظبي مع عائلته ألغينا أي مشروع إجازة هذا العام لأن رمضان يتزامن مع إجازة الأبناء وكذلك عدم رغبتي الذهاب لليمن نظرا للوضع الأمني المتردي هناك. ويقول تامر محمود مصري الجنسية بعد أن عطلوا الأبناء فضلت البقاء في مقر اقامتي في دولة الامارات لأن الوضع الامني في مصر غير مشجع بعد التغيير الذي حصل في بلدي ، فقررت قضاء الاجازة هنا ، وربما اتوجه لأداء مناسك العمرة مع عائلتي. ويقول منير مزالي مهندس تونسي في دبي إن ملامح الوضع في تونس غير واضحة من الناحية الأمنية وغير مشجعة ، لذا قررت قضاء الإجازة هنا رغم حرارة الصيف إلا أنها اكثر استقرارًا وامناً ، وتابع مزالي قائلاً إن قرب شهر رمضان المبارك وقصر مدة الاجازة لعبا دوراً في قلة إقبال العوائل العربية على العطلات الطويلة. مشيرا أن تونس تعتبر من الوجهات المفضلة للعوائل العربية والخليجية ولكن هذا العام الوضع أصبح مختلفًا بعد الثورة ، لكنه أبدى تفاؤله حول عودة الأوضاع على طبيعتها في أقرب وقت خاصة أن الانتخابات التونسية على الأبواب ، وعودة النشاط السياسي واستقرار الأمن من العوامل التي تجذب السياح. وأشار تقرير اقتصادي حديث قطاع السياحة العالمي قد سجل نمواً بنسبة 2 بالمئة في العام 2010، وأسهم في خلق 946 ألف وظيفة في أنحاء العالم المختلفة، وفي العام 2011، يتوقع أن ينمو قطاع السياحة العالمي بنسبة2.7 بالمئة. وذلك حسب التقديرات الأولية للمجلس العالمي للسفر والسياحة، الأمر الذي سينتج عنه نمو مساهمة هذا القطاع في الاقتصاد العالمي بنسبة تقل قليلاً عن 10 بالمئة بحلول العام 2020. وأن يسهم هذا القطاع في خلق 66 مليون وظيفة، حيث إن 50 مليون منها ستكون في آسيا. ويتوقع الخبراء ان يتميز موسم 2011 بصورة ضبابية غير واضحة الاتجاهات والمعالم خصوصا مع عدم وضوح الرؤية في أمور متعددة منها الحالة الأمنية والسياسية في سوريا ومصر وتونس وباقي الدول التي تعرضت أو تتعرض لمخاطر أمنية وجيوسياسة