يتضح لنا في كل عام بعد آخر تزايد البعد التنموي الأسواق العقار في المملكة فالاستراتيجية العقارية الآن أصبحت كلها تصب في قنوات الاستثمار الضخمة التي لم تعد تقتصر في مشاريعها على احتياجات المدن الرئيسية فقط إنما نزحت بثقلها الاقتصادي لتمتد بين مناطق المملكة الشمالية والجنوبية متوزعة على المشاريع بين السكنية والسياحية، حتى قدر حجم إجمالي القيمة السوقية للعائدات السنوية ب(تريليون) ريال ليحتل العقار بذلك المرتبة الاقتصادية الثالثة للاستثمار في المملكة بعد النفط وسوق الأسهم، مما دفع بكثير من الملاك والمستثمرين إلى تنفيذ وتطوير مخططات الأراضي لاستقطاب حاجة السوق من الطلب المتزايد على العقار، فالاحتياج الفعلي للمملكة من الوحدات السكنية قدر بنحو 5 ملايين وحدة سكنية حتى عام 2020 القادمة، لذلك أصبح طرح المشاريع العقارية أمراً طبيعياً في ظل التزايد السنوي للكثافة السكانية ومع تزايد الضخ العقاري في السوق إلا أنه حتى الآن لم تظهر بوادر في إنشاء هيئة عقارية حكومية لمراقبة السوق وضبط النظام الاستثماري فيه ولم يكن هناك تنسيق كاف بين جهود الجهات المعنية بالعقار بالتحرك للمحافظة على أموال المتعاملين في السوق سواء بالاستثمار أو التملك، ولا تخلو بعض المشاريع العقاري ةمن التعثر أو التوقف بالرغم من إصدار التراخيص من جهات الاختصاص بالسماح لها بالاستثمار إلا أن بعض المشاريع وصل بها المقام إلى رفع القضايا القانونية ضدها وبدأت تظهر هذه القضايا على السطح بشكل مباشر ومعلن .. أصبحنا نرى على صفحات الصحف اليومية أكثر من مشكلة قانونية في اليوم الواحد على بعض المخططات العقارية التي تدور بين ملاك الأراضي وبين المستثمرين بخصوص أحقية التملك أو التطوير أو قد يأتي من يشكك في نظامية البيع والاستثمار وهنا يظهر خوف المواطن المستثمر الصغير في أن يقع في متاهات مثل هذه القضايا في بعض المشاريع أو المخططات التي سبق أن روج وأعلن عنها وبيعت بملايين الريالات واستلم المستثمر أو المطور مستحقاته المالية للمشروع وبعدها يظهر المالك الحقيقي في الاعتراض على المشروع أو يطعن في صكوكها وملكيتها وأن مثل هذه القضايا التي تحدث في السوق تمثل زوبعة في ثقة المتعاملين في السوق وتحدث الضرر بصغار المستثمرين الذين ليس لهم ذنب في تحمل تبعاتها التي قد توقف المشروع لسنوات حتى يتم الفصل في الخلافات القانونية القائمة عليه، أو قد تتسع حدة الخلافات كما حدث في أحد المخططات عندما ظهر ملاك آخرون يحتجون على وجود مشاريع على أراض يملكونها تم بيعها عن طريق التدليس والتزوير ليتكرر حدوث الاشتباكات في مواقع التراضي بينهم وبين المستثمرين لتقوم الشرطة في النهاية بفض هذه الاشتباكات عن طريق قوات أمنية بالرغم من أن المستثمر قد استوفى كامل تراخيص شراء وتوثيق الأراضي من الجهات المسؤولة، لذلك من الأهمية وجود هيئة عقارية حكومية فقد أصبح أمراً حتمياً ومهماً لمراقبة السوق وعدم وقوع المستثمرين في متاهات هذه القضايا وحفظ أموال الناس من هذه القضايا وحتى تستمر صورة الاستثمار العقاري الآمن نقية وخالية من شوائب الملاحقات القضائية.