** منذ البداية.. أريد القول.. إن توجّه الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أوربا.. واختيارها لمدرب المنتخب الجديد الهولندي (فرانك ريكارد) هو خطوة في الاتجاه الصحيح.. ولكنها خطوة غير كافية لتصحيح مسار خاطئ.. ظللنا نتخبط فيه طويلاً.. ** فالكرة السعودية.. ليست هي المنتخب.. وإنما هي الأندية (أولاً).. والأندية لم يتقرر مصير علاقتها برعاية الشباب حتى الآن.. فلا نحن خصخصناها.. ولا نحن تركناها جزءاً من الكيان الحكومي الرسمي.. ولا نحن تركنا سياسات التأهيل والتدريب والاشراف الفني.. تتحدد داخل مجالس إدارات الأندية.. ووفق هوى رؤسائها وليس وفق سياسات ثابتة ومرسومة بداخلها تحددها مصلحة البلد العليا.. وبالتالي فإن كل رئيس نادٍ.. أو كل عضو شرف متنفذ هو الذي يقرر مصير النادي.. وبرامج النادي.. ومستقبل النادي.. وإن تعارضت مع المصلحة العليا للرياضة في البلد.. ** وهكذا.. تتفاوت المدارس التدريبية الكروية بين ناد وآخر.. تبعاً للأهواء.. وليس وفقاً للمنهجية العلمية التي تحددها المصلحة العامة.. ** وإذا كان أكثر من (70%) من الأندية تدين للكرة البرازيلية ولكرة أمريكا الجنوبية.. و(25%) للكرة العربية و(3%) للمستويات الهابطة في العالم و(2%) بدون هوية.. فكيف يمكن أن تكون لدينا نواة صالحة لقيام منتخب يدار بعقلية الكرة الأوربية.. ومنهجية الأنظمة الأوربية.. سواء من حيث التأهيل الخططي والفني.. أو من حيث الاعتماد كثيراً على اللياقة البدنية العالية.. والسرعة في التعامل مع الكرة.. بعيداً عن (ملل) الكرة الأمريكية الجنوبية.. المعتمدة بصورة أساسية على المهارة الفردية.. والاستعراض.. وتأرجح الكرة في منتصف الملعب.. ** وحتى بعض النماذج الأوربية من المدربين الذين تعاملوا مع بعض أنديتنا حتى هؤلاء قتلونا بالخطط الدفاعية التي لا تقدم أي نوع من المتعة.. لا للاعب في الملعب ولا للمشاهد في المدرجات أو عبر القنوات التلفزيونية .. ** فماذا سيفعل (ريكارد) غداً.. وهو يقف مستصاباً أمام أجساد (متهالكة) وبنى جسمية (هزيلة).. ومستويات لياقية (ضعيفة) وأنفاس (منقطعة) لا تستطيع مجاراة خططه المعتمدة على السرعة.. والجري طوال (90) دقيقة أو أكثر.. وعلى القوة البدنية العالية التي لا يسقط فيها اللاعب عند أدنى احتكاك كما هي حال لاعبينا الذين تعودوا على الألعاب (الرخوة) والمجهود (الأقل) .. والتكتيك (الممل).. فملّلونا معهم.. وجعلونا نخجل ونحن نرى مباريات كبيرة ومهمة.. كما حدث في مباريات الهلال والنصر .. أو الاتحاد والأهلي.. أو الشباب والاتحاد.. مع كل أسف.. ** هذه الحقيقة يجب أن ندركها جيداً.. وأن نعترف بها تماماً.. وأن نتفق بعد ذلك على الآتي : - أولاً : أن الانتقال بالكرة السعودية إلى الفكر الأوربي أصبح ضرورة ملحة.. وأساسية. - ثانياً : أن الاهتمام بطواقم التدريب اللياقي للاعبين وحراس المرمى.. مطلوب وبقوة.. لأن الحصص التدريبية ينبغي أن تتغير.. وأن تتجاوب مع هذا التوجه الجاد للكرة السعودية الجديدة.. - ثالثاً : أنه لابد من منهجية موحدة.. وسياسات واضحة ومحددة تطبقها الأندية جميعاً.. سواء في اعتماد المدرسة الأوربية دون غيرها.. أو في اختيار اللاعبين الأجانب والتعاقد معهم.. أو في التخطيط للأكاديميات الخاصة بالأندية وإعداد النشء الجديد على أساسها.. - رابعاً : أن البتّ في قضية الخصخصة أصبح مطلوباً اكثر من أي وقت مضى.. حتى تعتمد الأندية على نفسها.. وتخطط للمستقبل على أساس مواردها الطبيعية، وليس على حسنات المتبرعين وأعضاء الشرف (جزاهم الله خيراً) على ما فعلوه ويفعلونه حتى الآن (وكثر ألف خيرهم).. ** وإذا لم يحدث شيء من ذلك.. فإنه لا ريكارد ولا غيره يستطيع أن يحقق النقلة المطلوبة للرياضة في بلادنا.. ما دام أن أساسها (خاوٍ) و(متهرئ) وهزيل .. ومتهالك.. ** وبقدر سعادتي باختيار مدرب المنتخب بقدر إدراكي أن المهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة لأن المنتخب هو حصيلة طبيعية لأوضاع سيئة في أندية تغيب عنها المنهجية تماماً.. والله المستعان.. *** ضمير مستتر: **(أجمل من التفكير في المستقبل.. معالجة أخطاء الماضي والحاضر .. وإقامة البنية القادرة على الانطلاق على أسس سليمة نحو الغد).