تحول قرار الحكومة الفلسطينية في رام الله صرف نصف الراتب، منذ اتخاذه، الى ما يشبه الكوميديا السوداء في اوساط موظفي القطاع العام الذين بالكاد تسد رواتبهم الكاملة رمق واحتياجات أسرهم في ظل غلاء المعيشة الذي بلغ ارتفاعات غير مسبوقة في الأراضي الفلسطينية. وتحول الحديث عن الرواتب ليصبح الشغل الشاغل والحديث اليومي لتلك الشريحة الاوسع من المواطنين الفلسطينيين، خاصة ان الغالبية العظمى منهم مكبلة بقروض بنكية والتزامات مالية، فيما سارعت الاتحادات المهنية والنقابية الى رفع صوتها بالاحتجاج. ووجد الكثير من الموظفين في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" فضاء ومتنفسا للتعبير عن ضيقهم بهذه الخطوة من جانب الحكومة والتي يرونها "مفتعلة" وان شيئا لم يتغير خاصة انها لم تبرز الاّ عقب التوقيع على اتفاق المصالحة وبدء الحديث عن حكومة فلسطينية جديدة يجري التفاوض بشأنها بين المتخاصمين المتصالحين "فتح" و"حماس". "سهى" موظفة حكومية اقترحت على مدونتها "بما انه في نص راتب ..ابقى خلينا نداوم نص يوم ." وها هي تزف البشرى "الراتب نزل ...لكن نص الراتب ..يلا الريحة ولا العدم ..." نداء موظفة حكومية دونت على صفحتها اغنية تنطق بحال الموظفين وهم يتقلون نصف رواتبهم " نص الراتب صرفتله ومن جيبي دفعتله.. ومش عاجبه هالموظف يا دله يا دله". وذهب البعض الى تذكر "الايام الخوالي" عقب تشكيل "حماس" الحكومة العاشرة، حيث كان الموظفون يتلقون سلفا مقطوعة وشحيحة ومن خلال مكاتب البريد، حيث لم تجرؤ البنوك العاملة في الاراضي الفلسطينية من التعاطي مع تلك الحكومة الخاضعة للحصار الدولي. ومما زاد من حنق العاملين في الوظيفة العمومية هو اقدام البنوك على حسم كافة مستحقاتها- وليس نصفها- من الموظفين المقترضين منها، ولم تكترث لمطلب السلطة الفلسطينية ممثلة بسلطة النقد بجدولة قروض الموظفين، وفقا لما اكده ل"الرياض" اكثر من موظف حكومي. بدوره، جدد رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض القول ان قرار صرف نصف رواتب الموظفين جاء بسبب الأزمة المالية الخانقة والمتفاقمة التي تمر بها السلطة منذ نحو عام، فبالاضافة إلى حوالي 100 مليون دولار من العجز في التمويل الخارجي لدعم النفقات الجارية في العام الماضي، فقد تراكم العجز التمويلي بحوالي 30 مليون دولار شهرياً منذ بداية العام الحالي. وقال فياض في حديثه الاذاعي الاسبوعي "بفعل تراكم العجز من شهر إلى آخر، وجدت السلطة الوطنية نفسها أمام خيارات محدودة، فإما أن تؤجل دفع فاتورة الرواتب والمخصصات الشهرية إلى حين توفر التمويل اللازم لدفعها كاملة، أو تقوم بدفع جزء منها واستكمال الدفع فور توفر الموارد اللازمة. وأكد رئيس الوزراء أن الأزمة المالية الحادة التي نمُر بها اليوم، والتي عايشها قطاع الموظفين قبل نحو شهرين، جرّاء حجز اسرائيل للعائدات والإيرادات الضريبية الفلسطينية، والتي تُشكل حوالي ثلثي إيرادات السلطة الوطنية، أثّرت، وبشكل كبير، على إمكانية وفاء السلطة بالتزاماتها في الوقت المحدد، ولا سيما فاتورة الرواتب التي اعتادت السلطة أن تدفعها في الأسبوع الأول من كل شهر.