تطورت صناعة العقار خلال العقود الثلاثة الماضية بشكل ملفت وأصبح هناك فهم واستيعاب أكبر لحاجة السوق العقاري وتوجهاته وشهد الفكر العقاري بعض التطور على مستوى الأداء رغم البطء في فهم احتياجات السوق ورغبات المستفيدين منه وهم من يشغل السوق ويحركه فبعدما كان الاعتماد على بيع الأراضي تحول الأمر إلى تكوين المساهمات العقارية الفردية من خلال مكتب عقاري أو فرد كنوع من الاستثمار إلى أن جاء تطوير المخططات وإيصال بعض الخدمات وبيعها للمستفيد النهائي مباشرة أو عن طريق المزادات. بداية الألفية الجديدة شهدت تطورا في المفاهيم من خلال إنشاء شركات للتطوير العقاري وشركات للتسويق وإدارة الأملاك وتطوير المشاريع السكنية والتجارية وان كانت بشكل محدود وتطوير المدن الصناعية والسياحية وإنشاء شركات للتمويل. التطور الحقيقي كان في الخروج من التقليدية وتنظيم المساهمات العقارية التي تجاوزت 200 مساهمة بعضها مرخص من وزارة التجارة وبعضها معلن بدون تراخيص وبعضها خفي يدار من خلف المكاتب. وللأسف فان المساهمات العقارية رغم أنها من أفضل الحلول لمشكلة الإسكان وتوفير قناة استثمار آمنة للمواطنين والمحافظة على استقرار الأسعار إلا أنها استغلت في معظمها لمصالح شخصية وللإثراء السريع وتعثرت وعطلت الكثير من المصالح وأساءت للسوق العقاري ولصناعة العقار والخلل كان في عدم وجود مرجعية رسمية للقطاع العقاري عدا مراجعة الدوائر الحكومية كل فيما يخصه. أكبر مشكلة يواجهها السوق العقاري حاليا هي غلاء أسعار الأراضي بشكل لا يطاق ودون مبرر يقابله ضعف في القدرة الشرائية لدى المستفيد النهائي ثم تأتي المشاكل الأخرى مثل قلة العرض من الوحدات السكنية وإحجام البنوك عن إقراض المطورين والبطء في الإجراءات الحكومية والتراخيص وعدم تطبيق الرهن العقاري واحتكار الأراضي وعدم وجود هيئة تنظم السوق ومشكلة الصكوك والمنح. من السلبيات التي يعيشها السوق العقاري من يعمل بعقلية العقاري قبل ثلاثين عاما وهو اقرب تشخيص للوضع الراهن رغم أن القضية الأولى التي تشغل بال الجميع هي قضية الإسكان من ناحيتين الأولى توفير متطلبات الأسر السعودية من المساكن والثانية اهتمام الدولة والقطاع الخاص بتأمين المساكن الكافية والمناسبة والميسرة. بقي أن نذكر أن الأسعار تضخمت في السنوات الخمس الماضية ووصلت إلى أعلى نقطة في مسارها دون أي مقومات سواء من ناحية الموقع أو وسائل الجذب أو حتى الخدمات. لذا فان الأسعار ستشهد استقرارا ثم هبوطا في الفترة القادمة والسبب واضح وبسيط وهو أن القدرة الشرائية لدى من يحرك السوق لا تتوافق مع الأسعار السائدة وستظل العروض في ركود إلى أن تعود إلى وضعها الطبيعي التي تمكن المستفيد النهائي من التجاوب معها. وللحديث بقية بمشيئة الله.