نظّم "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية" في أبوظبي، محاضرة تناولت الحديث عن دول "المغرب العربي وفرص التعاون" وإمكانية مواجهة التحديات المشتركة، سواء التنموية أو الأمنية أو السياسية، ولا سيما أن هناك تاريخاً مشتركاً وثقافة ومصالح مشتركة، غير أن الواقع الراهن لا يشهد تعاوناً على المستوى الاستراتيجي في ما بين هذه الدول. وأوضح الدكتور عبدالسلام مغراوي، أستاذ العلوم السياسية في "جامعة ديوك" الأمريكية، في محاضرته أنه "بالرغم من توافر جميع المشتركات بين دول المغرب العربي الخمس: الجزائر وليبيا وموريتانيا والمغرب وتونس، فإنها لا تزال تواصل العمل منعزلة بعضها عن بعض في ظل بيئة إقليمية وعالمية تقتضي منها على نحو متزايد اتباع آليات التنسيق السياسي في السياسات كافة، والوحدة الاقتصادية من أجل نهوض اقتصادي، واجتذاب المستثمرين الأجانب، وتأسيس سوق إقليمية مشتركة قادرة على النمو وتتسم بالتنوّع". واستطرد مغراوي في محاضرته، مشيراً إلى أنه (بالرغم من الأهداف المعلنة ل "اتحاد المغرب العربي" الذي أسِّس عام 1989، ومن ضمنها تسهيل التعاون بين دول المغرب، فإن "الاتحاد" قد أسفر عن خيبة أمل كبيرة، وتم تجميد أنشطته لما يقارب العقدين من الزمن)، لافتاً النظر إلى أن من أسباب تأخّر دول المغرب العربي الخمس عن الحراك العالمي تجاه التعاون الاقتصادي والاندماج الإقليمي من جهة، وفشله في تحقيق أهدافه، تتمثل بشكل رئيسي في أن "المبادئ العامة التي جاءت لقيامه عند تأسيسه كانت شكلية وعمومية، ثم هناك سبب آخر، وهو عدم وجود تعاون اقتصادي، وسوق اقتصادية مشتركة، واستثمارات وتجارة بينية تنمّي اقتصادات بلدان المغرب العربي الخمسة"، مستشهداً بأمثلة من التجارب الحية لهذه البلدان قائلاً: "السلع النفطية المصدّرة من قبل الجزائر إلى شريك أوروبي أو فرنسي يستوردها المغرب وتونس وموريتانيا من الشريك الفرنسي نفسه، والسمك المصدّر من موريتانيا إلى فرنسا تستورده بقية بلدان المغرب العربي من الأوروبي والفرنسي، في وقت يمكن تعزيز الوحدة الاقتصادية بلوائح جمركية واضحة تعزّز من اقتصادات بلدان المغرب العربي، وإجراء عملية الاستيراد والتصدير بين دول الاتحاد من دون الحاجة إلى شريك أجنبي". وأضاف مغراوي: (وهناك كذلك مشكلات ذات أهمية كبيرة لم تستطع بلدان المغرب العربي في اتحادها الذي أسِّس عام 1989 معالجتها، كقضية الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب، والاتفاق على هوية "الاتحاد المغاربي"، من حيث العروبة، أو المتوسطية، أو الإفريقية، فضلاً عن أن هناك مشكلات سياسية متجذّرة بين بعض دول "الاتحاد المغاربي"، بالرغم من المشتركات الجغرافية والتاريخية).