كيف نصل إلى أفضل ما لدى الإنسان من معارف وقدرات؟ كيف نحفز الإنسان على العمل الجاد والإنتاجية؟ كيف نجعل الإنسان عضواً فاعلاً في المجتمع، وعضواً مؤثراً في فريق العمل؟ أراد مديرٌ أن يدرب عملياً الإجابة عن تلك الأسئلة فقرر أن يتابع متابعة دقيقة لما يقوم به رؤساء الأقسام، وأن يسجل الملاحظات تمهيداً لمناقشتها معهم على انفراد كلّ حسب طبيعة عمله. اجتمع إلىالأول وقال له: لاحظت انضباطاً في القسم وانجازات واضحة، فشكراً لكم على ذلك، وأنا على ثقة أن المشكلات السابقة سوف تتغلبون عليها. وقال للثاني: سرني التنظيم داخل القسم، أرجو إبلاغ الجميع أنني بحاجة إلى مساعدتهم في تطوير العمل. وقال للثالث: لقد تأكدت انك تستحق الترقية وشاهدت على الطبيعة كيف يعمل فريقكم، بلّغ تحياتي وشكري للجميع. مثل هذه الاتصالات ليست مضيعة للوقت لأن العنصر البشري هو العنصر الأهم في كافة ميادين العمل. في كتاب (رسائل مفتوحة إلى الرئيس الأمريكي، إرشادات حول الادارة الناجحة يقدمها أبرز المديرين التنفيذيين في أمريكا) من تحرير السيد (جيمس شيرو)، وتعريب (أيمن الارمنازي) في هذا الكتاب أتوقف عند موضوع بعنوان (أهمية العنصر البشري) كتبه (جاي دبليو ماريوت) رئيس مجلس إدارة شركة (ماريوت) ومديرها التنفيذي. في هذا الموضوع يسترجع صاحب (ماريوت) من ذكرياته مايلي: " وأذكر أن والدي كان يقضي آلاف الساعات سنوياً مع موظفيه للتعرف عليهم عن قرب، والإصغاء إلى مشكلاتهم وآرائهم بغية تنسيق أعمال الشركة، وحفاظاً على تماسكها. ومع أن الشركة قد نمت وتوسعت بسرعه متزايدة منذ ذلك الحين، إلا أنني مازلت أسير على خطاه وأتبع النهج نفسه. وإن كنت لا أستطيع أن أبرهن بالأرقام جدوى العمل الذي أقوم به، فإنني على يقين بأن هذا النهج الذي أتبعه واتبعه والدي من قبلي يفيد في رفع معنويات العاملين في الشركة وإذكاء روح التعاون والالتزام". ويعتقد صاحب (ماريوت) أنه لا يوجد عمل لا يُشكر عليه الموظف وإن كان العمل تافهاً، ويتأسف أن البعض لم يعد يبالي بتوجيه كلمة شكر، ويعتقد أن عبارة (شكراً لك) على بساطتها تجعل متلقيها يشعر بالطمأنينة إلى أن هناك من يقدر جهوده. ولابد أن أتوقف عند النصيحة الأخيرة التي يوجهها (ماريوت) لتعزيز مبداً إداري وإنساني يؤمن به عن قناعة بقوة تأثيره. هذه النصيحة تتمثل في الإصغاء قدر المستطاع إلى ما يقوله الآخرون، ويقول في هذا الشأن: يتوقع الناس في أغلب الأحيان أن يكون الرئيس أو القائد هو الذي يتكلم، وأن عليهم الاستماع. لقد تعلمتُ في الخمسين سنة خمس كلمات يمكن أن ينطق بها الرئيس في تعامله مع موظفيه هي "ماهو رأيك في الموضوع؟". أتوجه في ختام هذا الموضوع إلى العامل أو الموظف في أي مستوى وظيفي وفي أي قطاع، وبأي مؤهل، وبأي خبرة ، وفي أي موقع من هرم المسؤولية، وأسأل: هل تتذكر آخر مرة سألك فيها مديرك "ماهو رأيك في الموضوع؟". وإن كنت متزوجاً ولديك أطفال، هل توجه لأطفالك هذا السؤال؟