لا تخلو مدينة من مدن المملكة من مكاتب أو مؤسسات لدعوة الجاليات غير العربية إلى الدين الإسلامي، أو تصحيح عقيدة المسلمين منهم، وتعليمهم أمور دينهم، حيث تتسع مجالات الدعوة وميادينها برحابة هذا الدين الحنيف، كما يمثّل التنوع والتعدد في وسائل وأساليب الدعوة إلى الله من سنن وأصول الإسلام؛ فكل مسلم على ثغر، وكل يستطيع أن يقدم شيئاً للدعوة، ولكل ميدان فارس، ولكل قوس بارٍ. وبين ظهرانينا جاليات قدمت إلى المملكة قبل أن تحظى بنور الإسلام الساطع، وبجهود أهل الدعوة - بعد فضل الله - تغيّر حال الكثيرين منهم، وقد التقينا بعدد من المسؤولين عن مكاتب دعوة الجاليات، لنستطلع آرائهم وتجاربهم حول دعوتهم الجاليات للإسلام والجهود المبذولة وأيضاً الحوافز المقدمة لهؤلاء المسلمين الجدد. السعي إلى إبراز الإسلام كدين سماحة وحب واحترام بعيداً عن التشدد والتطرف استخدام وسائل الاتصال الحديثة أكثر إقناعاً من «المطبوعات»! ثقافة وتوعية وأوضح "د.عبدالله القحطاني" - المشرف على المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بخميس مشيط - أن المكاتب تقدم برامج دعوية تثقيفية تعد على المدى البعيد، من خلال المواقع والدروس والمنشورات، والدروس المفتوحة التي يحضرها المسلم وغير المسلم، لمن يريد معرفة الإسلام وثقافة البلد المضيف، والتعامل معه، حتى أن بعض الكفلاء يأتي بعماله ليتعلموا الدين الإسلامي هذا غير المستشفيات التي تتعاون معنا لتعريف الممرضين والأطباء كيفية التعامل مع المرضى وحاجة المريض المسلم وخصوصيته ، وفقه التعامل معه، ممايثير لديهم الكثير من التساؤلات عن الإسلام. قناعة شخصية وأضاف: هناك من يأتي إلينا ويطلب أن يسلم بقناعة شخصية، وقليل جداً ممن نذهب إليهم ونقنعه بأن يسلم بشكل مباشر، ثم يدخل بعد ذلك في برامج تثقيفية عن الإسلام بمراحل متعددة ومنها برنامج المسلم الجديد، وهو لمدة ثلاثة أشهر ومنهج خاص ويشرف عليه دعاة مخصصون لهذه الشريحة، ويكون بها تطبيقات عملية أكثر منها تطبيقات نظرية، وكذلك هناك برامج بأيام الأسبوع وهي برامج مسائية تحتوي على فقرات ترفيهية وثقافية ودعوية ورياضية وبرامج للعمرة والحج، وبعد هذه الثلاثة أشهر يعطى المسلم الجديد شهادة على أنه أتم دورته الحالية كمسلم جديد، وحتى نتأكد أنه تعلم أساسيات الإسلام، ثم يدخل برنامج "كيف يتعامل مع غير المسلمين في بلده" وهو يعطيه كيفية تعامله مع أهله وأقربائه في بلده وكيف يوضح لهم أهمية الدين ويرد عليهم بالحجة والعقيدة السليمة، وتستمر لمدة سنة، ولكن المشكلة التي تواجهنا هو تنقل الأفراد من منطقة لأخرى و30% هم من يواصلون معنا هذه الدورات، ومن ثم يبدأ مرحلة تدريبه أن يكون داعية لأبناء جاليته بالدعوات والمحاضرات وإيصال الإسلام لهم. وسائل الاتصال وعن وسائل الاتصال بين الجاليات ومكاتب الدعوة، قال: "بعضهم يأتي بنفسه وبأصحابهم وبعض الكفلاء يأتي إلينا ويطلب كتبا وأشرطة والشركات الكبيرة والمستشفيات نتواصل معهم وهذا جزء من عملي، ونعمل دراسة استطلاعية نأخذ مكتب العمل والاستقدام والجوازات وتعداد الجاليات وأماكن تجمعها ونخاطب المسؤولين ونعمل للجاليات بهذه القطاعات تعريفا بثقافة السعودية والإسلام وبحسب أسلوب الشرائح والأماكن، ولدينا منشورات وحامل للمطويات بالشركات وباللغات المختلفة"، مضيفاً: لدينا 11 داعية من خريجي الجامعة الإسلامية ويشترط أن يكون لديه برنامج تدريبي ومتقن لعدد من اللغات وأقل داعية لديه 12 برنامجا تدريبيا في منهجيات الدعوة ومهارات التعامل والتواصل، وإلغاء الشبهات، ويتدربون على ذلك حتى يستطيع إيصال الدعوة بشكل مريح، وفيه الكثير من الاحتواء. برامج منوعة وبين مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بنجران "محمد بن عبدالله السلطاني" أنّ لدى المكتب المكتبة الدعوية وهي عبارة عن مكان يعرض فيه موارد المكتب من المواد الدعوية المقروءة والمسموعة بتصنيف وترتيب حسب اللغات ويتم من خلالها تزويد بقية أقسام المكتب بالمواد الدعوية، وكذلك الزوار من المواطنين والجاليات والجهات الأخرى بالمنطقة، وقد بلغ عدد المصاحف الموزعة (327 مصحفا )، وعدد الكتب الدعوية ( 19287 كتابا باللغات المختلفة )، وعدد النشرات ( 646 مطوية ) ، وبلغ عدد الأشرطة ( 2057) ،وبلغ عدد زوار المكتبة ما يقارب ( 347 زائرا )، ويوجد بها نظام استعارة خلال أوقات العمل لمن أراد الإطلاع بقاعة المكتب. جولات دعوية وأشار إلى أن هناك جولات دعوية بالمنطقة عبارة عن حملة مكثفة على أنحاء المنطقة والقطاعات المختلفة يتم من خلالها توزيع أكبر قدر من المواد الدعوية باللغات المختلفة لتعزيز الوعي الديني والدعوة إلى الإسلام بالمنطقة ، وقد تم إسلام (اثنين من الجالية الفلبينية) ولازال البرنامج مستمرا ، وتم توزيع (15422 ) كتيبات دعوية بلغات مختلفة، و(1489) أشرطة دعوية بلغات مختلفة، و تنفيذ عدد (52) جولة دعوية خلال الشهر الأول، واستفاد من البرنامج ما يقارب (5763) شخصا من سكان المنطقة، مضيفاً: وهناك مشروع مراسلة يهتم بمتابعة المسلمين الجدد في الخارج وعائلات ممن أسلم عن طريق المكتب، ومن ثمرات هذا البرنامج هداية بعض أقاربهم وذلك بعد دعوتهم عن طريق المراسلة البريدية والتقنية، وكذلك متابعتهم بواسطة ذويهم؛ إلا أنّ هذا المشروع يحتاج مزيداً من الإمكانات المادية والوظيفية وقد تخصصت بعض المكاتب في الدعوية في ذلك. ارتداد محدود وأشار "د.عبدالله القحطاني" إلى أنّ انتكاسة المسلمين الجدد بمعناه الحقيقي محدود ولا يكاد يذكر وأبرز أسبابه في نظري هو سوء المعاملة، وإهمال المجتمع لهم وعدم إشعارهم بالقول والفعل بأنهم قد أصبحوا أخوة لهم، وجزءاً منهم، وما يوجد فعلاً هو الفتور وترك الواجبات الدينية بسبب عدم توافر بيئة صالحة في العادة، مضيفاً: ولكن إلى الآن لم يكن هناك أي حالة ممن يعودون إلى بلادهم ويرتدون فأنا في هذا المجال أكثر من 17 سنة، ولم يرد لي أن أحداً ارتد، ولكن قد يكون هنا في البلد من يرتد بسبب سوء معاملة بعض الكفلاء لدينا ، فعندما يطالب العامل بأن يمنح بوقت للصلاة ويطالب بحقوقه كمسلم كأن يذهب للحج أو العمرة، ويريد أن يذهب يوم الجمعة للمسجد مما يجعل الكفيل يتضايق من الأفعال التي تمارس ضده بدعوى مصلحة العمل، فكثير منهم ينتكسون بسبب هذه المعاملة وهذه حالات محدودة قد لاتصل لخمس حالات فقط، وبالمناقشة والمناصحة نجده مايزال على دينه ولكنه ارتد عملياً، بسبب سوء المعاملة والإيذاء. الدعوة الإلكترونية وأوضح أنّ مشروع الدعوة في الآفاق، مشروع دعوي كبير ينفذه المكتب التعاوني بالخميس بهدف التعريف بالإسلام من خلال تزويد المكتبات العالمية بكتب توضح حقيقة ديننا ونبينا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبفضل الله وردت للمكتب آلاف الرسائل من أنحاء متفرقة من العالم بالترحيب بالمشروع وطلب المزيد من وسائل التعريف، حيث يصل عدد هذه الردود إلى حوالي 15000 رد من أصل 57000 مكتبة تمت مراسلتها في كل من أمريكا وبريطانيا ونيوزلندا وكندا وفرنسا وألمانيا وماليزيا، والمشروع مستمر بفضل الله عزَّ وجلَّ، وثماره واضحة تتمثل في تبرئة الذمة بإيضاح حقيقة الإسلام، وإسلام الكثيرين وتطلع المئات، بل الآلاف للتعرُّف على الإسلام وتبيان وسطية منهج هذه البلاد في الدعوة إلى الله والتعامل مع الآخرين. دحر الشبهات وقال الأستاذ "عصام الوصابي" - مدير العلاقات العامة والإعلام بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالطائف -: "إنّ برامج المكتب كثيرة ومتخصصة فنتعامل مع كل جالية بحسبها فهناك برنامج المسلم الجديد وبرنامج لتحفيظ القرآن واللغة العربية وكذلك برنامج اليوم الكامل ويحتوى البرنامج على نشاطات متعددة (ثقافية وترفيهية ودعوية للمسلمين وغير المسلمين) وبرنامج للإعجاز العلمي وبرنامج لدحر الشبهات المشككة في الإسلام والدورات العلمية وبرنامج للتوعية وتصحيح المفاهيم الخاطئة وغيرها الكثير". اللقاءات التعريفية وأضاف: أما من ناحية الأساليب والطرق الدعوية التي ينتهجها المكتب ومن أبرزها العديد منها ومن أبرزها: اللقاءات التعريفية بالإسلام (لغير المسلمين)، وتوزيع المواد الدعوية المختارة بعناية من قبل دعاة المكتب، كذلك زيارة الدعاة لتجمعات الجاليات والشركات والمستشفيات، وكذلك إقامة الرحلات الترفيهية، ورحلات العمرة والحج وزيارة المسجد النبوي الشريف كذلك تقديم برامج رياضية وثقافية للجاليات بحسب اهتماماتهم، وإلقاء خطب الجمعة بمقر المؤسسات والشركات بحسب لغة كل جالية ، ودورات علمية للمسلمين لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة والدعوة إلى المنهج السليم ، والدورة التأسيسية للمسلمين الجدد وتهدف الدورة إلى تعليمه كافة الأمور الأساسية في الدين ولا يستخرج له شهادة إلى بعد اجتيازه للدورة، بالإضافة إلى وجود قسم متخصص في البرامج الدعوية والتدريبية. حفل سنوي وأشار إلى أنّ وسائل الاتصال متعددة ومتنوعة وأهمها المقابلات الشخصية، والزيارات الميدانية، والانترنت، والاتصال المباشر، والرسائل بأنواعها واللقاءات والمناسبات، مضيفاً أن الدين الإسلامي دين يلبي احتياجات الإنسان المادية والمعنوية وهو غذاء روحي فدوافع الإنسان الفطرية توصله إلى حقيقة التوحيد، ولعل من أبرز الدوافع هو ذاك الخواء الروحي الذي يعيشه الشخص وخصوصا في زمن طغت فيه الماديات وأصبح الإنسان تائهاً في بحر الحياة، مؤكداً على أنّ دعاة المكتب بالطائف يتلمسون هذه الجوانب ويحرصون عليها فهم أصحاب خبرات ومؤهلات تناسب المهام العظيمة التي أوكلت إليهم ويوفر المكتب لهم أحدث الوسائل والإمكانات الحديثة، ومن أهم ما يثبت المهتدين الجدد بعد تثبيت الله لهم هي تلك الدورات التي تقدم مباشرة بعد اعتناقهم الإسلام. حالات شاذة وأضاف: ومن خلال سنوات عملنا البالغة أكثر من 19 عاماً وجدنا أنهم أصبحوا دعاة لهذا الدين وسفراء لهذا البلد الحبيب باستثناء بعض الحالات الشاذة التي لا حكم لها، وخير شاهد ودليل هو الانتشار السريع لهذا الدين في كل بلدان العالم وبفضل من الله عدد من دعاة المكتب هم من المسلمين الجدد الذين أسلموا في مكتب الطائف، حيث أصبحوا دعاة في هذا الصرح الشامخ والكثير ممن رجع إلى بلاده أصبح مثالاً يحتذى به وأنموذجاً للداعية المتزن الحضاري الذي ينشر الرسالة السامية للإسلام بكل سماحة واعتدال، وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ودعمه لمكاتب الدعوة ما هو إلى نتاج لهذه الجهود، وهذا ما يزيدنا شرفاً وثقة بما نقدمه ويحفزنا للمضي إلى الأمام لنشر هذا الدين الحنيف. .. وتنفيذ برامج الحج للجاليات «إرشيف الرياض» عصام الوصابي