تشهد مملكتنا الحبيبة في ظل قيادة حريصة على رفاهية المواطن واستقرار الوطن نهضة إدارية شاملة ؛ فكان للكتابة في هذا الشأن أهمية كبيرة للوصول إلى أعلى مقامات الأهداف التي ترغب الدولة الوصول إليها، وإمتاع المواطن بها، ولنا أن نتصور أن تحقيق الإفادة من هذه الإصلاحات والأوامر الكريمة يحتاج رغبة جامحة تنبثق من نفس كل مسؤول في القطاعات الإدارية لنصل جميعاً إلى تحقيق طموح ولاة الأمر حفظهم الله وأيدهم بتوفيقه في رفاهية المواطن والوطن . لذا فإن كسر الجمود بين المسؤول الأول في أي قطاع من تلك الإدارات والمواطن المستفيد من خدمات القطاع ، فالمراجع المسكين يعيش حالة من الضياع حيناً والنقمة حيناً آخر ، فعند أول اصطدام له بسلسلة طويلة من الروتين وتقطع أوصال معاملته وعدم وجود من يفهم النظام أو يفهمه له والدخول في دائرة طويلة من الإجراءات والمراجعات والآهات ، لا يجد طريقاً للوصول إلى المسؤول الأول في تلك الجهة فلعل ذلك الموظف لا يعرف النظام أو لا يريد أن يطبق النظام إن كان يعرفه، ولعل هذا الموظف لديه من الهموم الحقيقية أو الوهمية ما يجعله لا يلتفت لصرخات ذلك المراجع ، وهو يذكر لها معاناته وتنقلاته وسفره من أجل إنهاء هذه المعاملة ... وعند هذه النقطة نصل إلى حالة من الغليان عند الموظف وعند المراجع وهي لحظة لا بد من تدخل المسؤول الأول في تلك الدائرة قبل أن تتحول هذه الحالة إلى لحظات يأس عند المراجعين وتمرد وجبروت ولا مبالاة عند الموظفين أمثال صاحبنا المهموم . والحل يكمن في سياسة الباب المفتوح التي نادت بها الشريعة يوم أن طبقها الخليفة الراشد الفاروق رضي الله عنه وطالما نادت بها الدولة ممثلة بمؤسسيها وقادتها . فالباب المفتوح لا يعني أن يجعل ساعة في الشهر لمرور العدد الكثير من المراجعين بأوراقهم والسلام على سعادة المدير المسؤول الأول في الإدارة ليضعها في يد السكرتير لتعود مرة أخرى إلى درج في مكتب الموظف المهموم . كما لا تعني سياسة الباب المفتوح أن نبقى على فكرة ( صندوق الاقتراحات والشكاوى ) تلك الفكرة الجديدة في عصرها القديمة في عصرنا والتي أصبحت مثالاً للإدارات المترهلة التي تعيش على الأطلال . إنها سياسة تتطور بتطور الزمن وتُحدث بحداثة التقنية واعني أن يكون لكل مسؤول استلم دائرة بريد الكتروني رسمي معلن في جميع الإدارات يسهل من خلاله التواصل مع سعادة مسؤولنا الفاضل وهذا يحتاج إلى أمور من أهمها أن يكون مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن ما أرسل إليه في هذا البريد وكيف كان تفاعله معه . وعندما يعرف الموظف أن بإمكان أي مراجع أن يوصل رسالته في لحظة من الزمن إلى مديره أو مدير قطاعه وأنه سوف يسأل ويحاسب، وأن تجاهله الأنظمة وتجاوزاته مع المراجع وتأخر المعاملات التي أصبحنا نسمع أن بعض المعاملات تتجاوز العام وكأنها قضية من أكبر القضايا. إن سياسة الباب المفتوح يجب أن تفعل متماشية مع وسائل الاتصال الحديثة ليصل الناس إلى حقوقهم ولهم الحق في التواصل مع من يريدون ما دام لهم قضايا ومعاملات لم تنجز تأخرت بسببها حقوقهم وامتلأت بسببها أدارج المكاتب عند أولئك الموظفين المهمومين. ربما يقال سوف تكثر الرسائل البريدية وأقول إن كثرتها دليل على عظم المصيبة وكثرة التأخر وكل مسؤول عن ما أرسل وما استقبل لكن أن يترك الناس في حيرة من أمرهم فهذه هي المشكلة . اضف أن هذا يسهل على الجهات الرقابية الوصول إلى مكامن الضعف ومنعطفات الخطر في السلاسل الإدارية وآلية التطبيق الخاطئة للأنظمة فبمجرد الإطلاع على ( البريد الالكتروني ) لأي إدارة أو مدير يعرف مقدار المشاكل الموجودة في تلك الإدارة ويسهل المتابعة والوصول والعلاج . كما أن الناس يستطيعون بيسر وسهولة التواصل من الدوائر المغلقة بالبحث في الصفحات الالكترونية الرسمية ليصلوا إلى بريد الإدارة محل المشكلة ليصل صوتهم وتسمع آهاتهم وتعالج مشكلاهم . ولعل هذه الفكرة وأمثالها تساهم في وضع اللمسات الأولى على الرقابة الالكترونية للدوائر والجهات المسؤولة لنصل بكل سهولة إلى أفضل ما يمكن الوصول إليه فنحن في عالم التسارع الخدمي الالكتروني لتقديم الأفضل لكل مستفيد .