أعتقد ان الرجل أشد خيالاً من المرأة لكنها أقوى منه عاطفة وأشد عناداً. فالمرأة - خاصة الفتاة قليلة الخبرة بالرجال والقيم - إذا أحبت أصرت وعاندت أهلها الذين رفضوا زواجها ممن تحب لأنهم - بحكم السن - أخبر بمعادن الرجال وأخلاقهم. ومع ذلك ندر في صحرائنا العربية تغريد النساء بشعر الحب وبوحهن بمواجد العشق، ورغم ان العاشقات العربيات - على مر التاريخ - أعداد لا تحصى إلاّ ان ما بقي لهن من شواهد وأشعار نادر ندرة الشواهد على القبور. وحين يسمع الإنسان، أو يقرأ شعر عشق لامرأة عربية فكأنما يسمع تغريد بلبل وحيد في صحراء موحشة.. قاحلة.. إنه بقدر ما يطربه يحزنه ويشجيه في وحدته المحاطة بوحشة الصحراء ووحوشها. ولنقرأ تغريد بعض البلابل النسائية التي أفلتت من القفص إما على غفلة أو بالقوة.. قوة العاطفة التي جعلت المرأة العاشقة تتحدى القيود والسدود وأقسى الظروف. تقول سعاد الصباح: الفرق بين العاشقة الأوروبية والعاشقة العربية. ان الأولى تتناول الوجبات السريعة والحب المثلج. في حين ان العاشقة العربية تشوى على نار الفحم! ونشم رائحة هذا الشواء في قولها: عندما أودعك في المطار.. ويغيب وجهك في المجهول.. تنتشر رائحة حنيني إليك.. ويشم الناس في قاعة المسافرين رائحة غريبة: رائحة امرأة تحترق. والواقع ان المرأة أقرب إلى (الاحتراق) من الرجل في كل شؤونها العاطفية ومع جميع من تحب: زوجاً أو أولاداً، اخوة أو أماً أو أباً.. المرأة في حبها (على قلق كأن الريح تجري توجهها جنوباً أو شمالاً). وقلقها إذا عشقت أشد، تعيش صراعاً بين القلب والعقل وبين العاطفة والعرف بين الرجاء والخوف لا تدري ما المصير: آه.. تلوث في فمي الآه هل كنت في نعماي لولاه؟ أو كنت القى في الدنا رجلاً يحظى بنزر من مزاياه؟ نار الرجولة فيه تلفحني ان لامست عيني عيناه فأحس بي حرجاً فيقلقني ويفيض بي قلقي فيغشاه استل كل شجاعة الأنثى لأكون نفسي حين القاه وأفر لا ألوي وبي أمل يهفو إلى أمل تمناه أخشاه لا أدري بلا سبب بأبي وأمي كيف أخشاه؟ فيه الصبابة حين يرسلها تسري ربيعاً في حناياه لكن في أعماق نظرته عزماً بدا لي حين أخفاه يسبي وذلك ما يروعني حاشاي أغدو من سباياه كما تقول الشاعرة المصرية هدى ميقاتي، وهي بتعبيرها عن نفسها تعبر عن بنات جنسها، ففي داخل كل امرأة شعور الغزال المعرض للصيد والاغتيال غير ان هناك شاعرات تجاوزن مرحلة القلق والاختباء وجهرن بمشاعر العشق جهراً مثل عاتكة الخزرجية ولميعة عباس وسعاد الصباح (في كثير من شعرها) وفدوى طوقان التي تقول: قلت في عينيك عمق.. أنت حلوه قلتها في رغبة مهموسة الجرس فما كنا بخلوه وبعينيك نداء وبأعماقي نشوه أي نشوه أنا أنثى فاغنقر للقلب زهوه، كلما دغدغه همسك: في عينيك عمق أنت حلوه