بفخر واعتزازٍ كبير أبارك للروائية السعودية رجاء عالم هذا الفوز المُستَحَق؛ ففوز رجاء بهذه الجائزة هو فوز للمملكة ولنا جميعاً، وهو تحديداً فوز للمبدعة والأديبة السعودية يؤكد - لمن لم يزل يسكنه شك - تمام اكتمال وجهوزية مشهد إنتاجها الإبداعي للفوز والتميّز ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستويات تتجاوز المحلية إلى ما هو أبعد من ذلك. ولا أرى (نوبل) أو سواها من الجوائز ببعيد عن أن تفوز بها أو تُنافس عليها امرأة سعودية يوماً ما في أي مجال من مجالات الفكر أو العلم أو الأدب. فالمرأة السعودية شجرةُ عطاءٍ طيّبة من أرضٍ طيبة تتفنن في مقاومة التصحُّر ولا تعرف المستحيل. رجاء عالم كإنسانة هي عالمٌ من الإبداع المسكون بهاجس إنساني كوني يتجاوز محليته لينصهر في الكون وفي إنسانه المجرّد من كل الحدود الجغرافية. أما روايتها فهي نقوش ونمنمات «السحر الحلال» تحفرها لغتها الخاصة في روحك منذ الوهلة الأولى للقراءة.. ولا يكون بوسعك وقتها إلا أن تنجذب إلى سحر نصها وتتماهى مع تعاويذ لغتها، أو أن تهجره بصمت، أو ربما بحيرة. فعملية التلقي في «عالم رجاء الروائي» محكومة بأمرين لا ثالث لهما - في اعتقادي - فإما التماهي والاستلاب التام لتعويذة سحر نصوصها المتفرّدة بلونها ونكهتها الخاصة جداً، وإما الانسحاب الذي يُفجر الحيرة في عروق الأسئلة.. وهذا شأن الإبداع الذي يختلف عن السائد أو عن ما تشربته الذائقة وألفت التعامل معه ومع فك طلاسمه ربما من دون عناء، أو ربما بعناء أقل.. وتبقى المسألة مسألة إبداع مختلف يُكتب، ومتلق يستقبل، ومن شأنه أن يقبل أو لا يقبل. فلا إكراه في الإبداع، أو هكذا يجب أن يكون الأمر فيما يختص بعملية التلقي. فالإبداع شأنه شأن البصمة الوراثية التي يجب أن تختلف حتماً وإن تشابهت الأصابع.. ورواية رجاء عالم هي عالمٌ إبداعيٌّ خاص يؤسس لبصمة روائية خاصة من طراز إبداعي رفيع له نكهة سحرية غامضة آسرة ومميزة جدا. فهنيئاً لرجاء عالم هذا الفوز وهنيئاً لنا جميعاً أن تكون بيننا رجاء. * أستاذ مساعد في الأدب العربي الحديث جامعة الملك عبدالعزيز