كان جسداً في ريعان الشباب يشد البصر واللب بسحر الجمال الفاتن سكب في داخله صفاء النفس ورقة الاحساس ومزج ببراءة طفولية تنثر الفرح والسرور في كل مكان تجعل من الحياة رسما جميلا ينشر فوح وردة عطرها لا يمل بل يبقى عبقاً أخاذاً وجذاباً. يمر الوقت فيزداد ذلك الجسد حسناً وبهاء فيبدأ صراع التملك والفوز في حيازته، فتنهال المغريات من كل حدب وصوب لعل هذا ينال الرضا فتصبح من النصيب سباقا محموما لا ينقطع يطرق الدار في كل فترة فمن يكون سعيد الحظ تقاطر القريب والبعيد، ولكن بقي الأمر رهن من يحمل صفات الرجل الكفء ذي الرأي السديد تصرمت الايام ودارت فأعلن النبأ السار وقرب موعد الانتقال الى دار الزوجية فزفت في أبهى حلة وزينة في مراسيم فرح مبهرة لم تعرف المدينة زفافا مثله بقي حديث الدور والمجالس وركب ذلك الجسد الطاهر سفينة سنة الحياة. بقيت وردة تشع نضارة وجمالاً تخطو نحو جعل عش الزوجية مصدر سعادة وهناء فراحت تبذل كل ما في وسعها في سبيل تحقيق ذلك قائمة بكل متطلبات زوجها الذي كان يوفر لها كل ما تأمره به او تطلبه وسارت عجلة الايام فكانت على موعد ارادة الله مع جميع البشر في اكمال السعادة فلقد كان والداها في منتهى الفرح بقدومها ها هي تشعر بذلك الشعور البهي بعدما قدم مولودها الاول فراحت تسكب كل العطف والحنان على طفلها وتسهر على راحته كل ما تألم حزنت وان سرر فإنها تحس بأنها تملك الدنيا نشوة بمرحه ولعبه يمضي قطار العمر فستقبل مولودها الآخر وهي غارقة في غمرة السعادة، لكن هذا لم يدم طويلاً فلقد تغير الحال بعدما خطف الاولاد حب الام واهتمامها تسرب الضيق والملل والغيرة الى الزوج فأصبح يؤنبها ويلقي عليه كلاما يمس مشاعرها من وقت لآخر حاولت قدر جهدها ارضاءه ولكن بدون جدوى، لقد بدأت تلك الوردة في الذبول بعدما ارهقتها مسؤولية بيتها فلم تعد تعطى او تعير اهتماما لمظهرها ومن هنا نشأ الصراع الذي حفر اطنابه في داخل الدار وراح يزداد اشتعالاً كلما دخل عليها الزوج فأصبح الدار ساحة معركة كلامية احياناً يصل شررها الى الجيران وهبت عاصفة جعلت من سفينة الاسرة تلاطمها امواج النزاع عند كل حدث او موقف منذرة بغرق السفينة واندثرت ورحلت ايام السعادة التي تغرف من الذاكرة احياناً لعلها تخفف وتلطف من الجو المشحون الذي يسود كل نقاش بينهما لم تكن المسكينة هي السبب بل إن الزوج كان يفتعل ذلك بعدما امتص رحيقها واصبحت لديه مثل التحفة التي مل من منظرها فأراد ان يتخلص منها، وقعت فجأة لأزمة مرضية فخالج الزوج شعور بأن ساعة الفرج قد اقتربت لكي يطلق العنان لنفسه في البحث عن غيرها، لكنها شفيت بعد مدة وعادت من جديد نحو القيام بمسؤولية دارها فتولد لديه الضيق والضجر لم يدم هذا الحال طويلاً صار الزوج يغيب عن الدار لفترات معينة مما جعل الشك يغرس مخالبه في داخلها ولقد كانت محقة عندما اكتشفت ان الزوج قد اقترن بأمرأة جديدة فصعقت لهول الموقف وكادت روحها ان تخرج من جسدها ذلك الرجل الذي فضلته على الكثير يفعل بي هذا انه هو الذي يفتعل المشاكل ويذكي نارها فاستعر الألم في جوفها وكابدت المر وتعلقت بالصبر وكمدت الحزن بعدما نسيت واهملت وهي في غمرة شقائها وتعاستها جاءها خبر وفاة ضرتها في ظروف غامضة.