للأديب المنفلوطي كتاب بهذا العنوان وأعتقد أن شركاتنا لو سبق ظهورها عصر المنفلوطي لكانت مآسي شركاتنا تستحق أن تتصدر هذا المؤلف وتُفرد بفصول فيه فحقيقتها تجسيد لما حاول المنفلوطي التعبير عنه والكتابة حوله فالواحد عندما يتمعن في مآسي هذه الشركات ومساهميها سيقع في قلبه أن النظر في الأحوال يجب أن يفيد العبرة في المآل ولكن واقعنا عكس ذلك فليس هناك نظرات ولا عبرات شركة ابن رشد قبل ما يزيد على عشرة أعوام حصلت على قرض قيمته 4 مليارات ريال دعما لوضع هذه الشركة بحجة أنها تنتج المواد الأولية اللازمة لصناعة الثياب وهي ملبوسنا الوطني فوجبت المسارعة لدعمها بينما البنك العقاري وقتها كان الحصول على قروضه أمنية تتحقق للورثة بعد وفاة صاحب الطلب وظلت حلما بعيد المنال وضربا من الخيال بالنسبة لأفراد الشعب لصعوبة تحقق هذا الأمر فأيهما كان أولى بالدعم وأحق بالاهتمام الثوب أم المسكن ولو توجه دعم شركة ابن رشد للصندوق العقاري حينها ألن تكون الفائدة به أعظم والنفع منه أكبر وآثاره ايجابية على الاقتصاد في ذلك الوقت ولكن الرؤية وقتها كانت تقتصر على حماية شركة ابن رشد ولا أظن واقعها قد تحسن كثيرا وحتى ولو حدث شيء من ذلك فهو يظل محدودا ومقصورا على شركة سابك علما بأن هذا القرض بحساب التضخم وعامل الزمن وضعف الريال المرتبط بالدولار يعادل هذا المبلغ حاليا أضعافا كثيرة والتاريخ اليوم يعيد نفسه والخطأ يتكرر والدعم يكون استثناء ولشركة من شركات العمق وهي إعمار المدينة الاقتصادية والتي حظيت بمزايا لا مثيل لها ويفترض أن تأسيسها وبداية أعمالها رافقت نهضة عمرانية ونموا هائلا في قطاعه ونحن نرى المسثمرين الأفراد العاملين في هذا المجال تتوالى نجاحاتهم ونقف على تطوراتهم عاما بعد آخر وهم لا يحظون ولا يتمتعون بدعم اعمار وأحب أن أتساءل ومعي القراء الكرام ما بواعث هذا القرض والجواب بالتأكيد وضع الشركة هو الحامل لوزارة المالية على مبادرتها بالموافقة على تقديم 5 مليارات ريال كقرض حسن لمدة 10 أعوام بدون فوائد ومدة هذا القرض أول 3 أعوام منها مهلة لن يكون فيها سداد وسوق الأسهم السعودية لما وقعت كارثتها تعالت أصوات تطالب بتدخل الدولة وحماية المتداولين وخصوصا الصغار منهم فقد كانوا بجميع مدخراتهم في السوق وبعضهم عليه ديون للبنوك ولكن بعض المسؤولين رفضوا هذه المقترحات وأوضحوا أن السوق عرض وطلب ولا أحد يتدخل فيها وأنها تصحح نفسها أحرقت الأموال وقبل ذلك ،ليت سوق الأسهم حينما نزلت به الكوارث وحلت به مصائب الانهيارات حظي ببعض المعاملة الاستثنائية التي لقيتها شركة إعمار والبدايات تدل على النهايات والنبوغ والذكاء يعرف منذ الصغر وليس بعد علو المشيب وقرب أوان الهرم في البشر لما وقعت الأزمة المالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية قال المسؤولون لديهم إننا لن نتخلى عن الوول ستريت حتى لو أخطأت الوول ستريت وهنا يقولون من الذي ضربهم على أيديهم وأنا أقول أيضا من الذي ضرب شركة إعمار على يدها لو تدخل صندوق الاستثمارات بالشراء في سوق الأسهم حينما وصلت الأسهم وخصوصا القيادية والرابحة لمستويات وقيعان لم يكن حتى أكثر المحللين المتشائمين يتوقعها بقصد الاستثمار وليس الدعم لكان الحال اليوم مختلفا جدا عن واقع سوق الأسهم الذي صارت إليه وقديما قيل على هوى القلوب تسير الأقدام وفي نهاية الحديث لا بد من معرفة أن شركاتنا المساهمة أصبحت هي المحرقة لأموالنا فالشركات القديمة الموجودة في السوق لم تفلس إلا بعد عقود من الزمن وتغيرت الأحوال وحاليا شركات العمق تطلق نداء الاستغاثة وتحتضر في بضعة أعوام وهذه من خصوصياتنا وتميزنا.