أن يجرؤ أي ممثل على لعب دور إلفيس بريسلي، أحد أشهر الفنانين في العالم، وأكثرهم جذباً للمقلدين، فهذا ضرب من المجازفة. وعندما يكون الممثل إيرلندياً قادماً من مقاطعة كاونتي كوك، فلن يمكنه إلا أن يرى في الأمر تهوراً. لذلك، بمجرد أن عرض على جوناثان ريس مايرز فرصة تمثيل دور «الملك»، كان الرفض ردة فعله الأولى، ليس فقط لانهماكه في تصوير فيلم المخرج وودي ألان المقبل Match Point، ولكن بالدرجة الأولى، بسبب الدور نفسه. يتذكر الممثل، الذي يعيش الآن في لندن: «شعرت بالذهول عندما قالوا هل تحب أن تلعب دور إلفيس؟ فالجميع يريد ذلك. لكن الأمر بالنسبة لي ينطوي على مخاوف كثيرة. فأنا أيرلندي، وهو كان أمريكياً من الجنوب. وهنا كان ترددي». ويضيف: «عدت بعد ذلك إلى البيت، وقررت مواجهة مخاوفي. إذ ينبغي للمرء أن يخاطر. فقلت لنفسي: لم لا أمثل دور الرجل الذي أصبح ملكاً؟». وكانت النتيجة مسلسلاً تلفزيونياً مدته أربع ساعات يحمل اسم Elvis، تبثه شبكة CBS في 8 أو 11 مايو «أيار». وبغض النظر عن كونه إيرلندياً، فقد كان ريس مايرز مقنعاً في دور ذلك الفتى الفقير القادم من مدينة توليبو، في الميسيسيبي، والذي أصبح فيما بعد أسطورة. يلعب راندي كواد دور الكولونيل توم باركر مدير أعمال بريسلي الذي ساعده في شق طريقه، مع كامرين مانهايم وروبرت باتريك في دور والدي المغني، والممثلة البريطانية أنتونيا بيرناث في دور عروسته المراهقة، برسيلا بيليو. تبدأ القصة مع بريسلي الفتى الغر المغمور ابن الثامنة عشر. ثم تمضي إلى سنوات نجوميته ومن ثم إلى سنوات تراجعها، لتنتهي مع عودته من جديد من خلال برنامجه التلفزيوني الخاص Elvis في العام 1968. لكن المسلسل لا يغطي أكثر فترات انتكاسته توثيقا، والتي بلغت ذروتها في العام 1977، بوفاته بتأثير المخدرات وهو في الثانية والأربعين من عمره. لم يظهره المسلسل في أيامه الأخيرة، يتصبب عرقاً وهو منتفخ الوجه، بل يكتفي بأن يرينا بريسلي الذي يتقدم به العمر، ويتزايد اعتماده على أقراص النوم وعقاقير المنشطات. يقول ريس مايرز: «في لاس فيجاس، لم يكن ألفيس هو ألفيس، كنت اتضايق واستشيط غضباً عند رؤية التسجيلات التي تغطي تلك المرحلة من حياته. كان يتمزق على كل الأصعدة. كان تعساً جداً، ويتزايد وزنه يوماً وراء آخر». بالنسبة للممثل ريس مايرز، الذي نشأ أيضاً مثل بريسلي كفتى مزرعة فقير، فإن هذا الدور هو الأخير في سلسلة أدوار لا تنسى، تضمنت دور قاتل في فيلم Michael Collins للمخرج نيل جوردان (1996)، ودور برايان سليد، نجم الروك المدمر لذاته، في فيلم Velvet Goldmine 8991، والذي أدى فيه مايرز كل أغاني سليد، وكذلك دوره كمدرب عاثر الحظ لفريق فتيات كرة القدم في فيلم Bend It Like Beckham 2002. حاز مسلسل Elvis على مباركة الأصحاب الحاليين لممتلكات بريسلي. وكان من فوائد ذلك انه سمح باستخدام أشرطة بريسلي الأصلية، التي لم يسبق أن استخدمها من قبل أي فيلم يحكي قصة حياته، بحيث كان يكفي لرايس أن يحرك شفاهة فقط في المشاهد الغنائية. وعلى الرغم من انه أجاد بسهولة حركات الورك الشهيرة عند بريسلي، وحركة شفاهه المميزة، فإن ريس مايرز يقول إن التعلم على كيفية «أداء» بريسلي كان أمرا شاقاً. ويضيف ضاحكاً: «عرفت كيف ألوي شفتي في الجانب الأيمن، لكن ألفيس كان يلويها في الجانب الآخر!. شاهدت الكثير من تسجيلات واستعراضات ألفيس من الخمسينات، وكذلك استعراضه الخاص في العام 1968. كما شاهدت فيلم King Creole 8591، الذي اعتقد انه الأفضل لألفيس». يقول الممثل: «أصعب شيء كان أداء ذلك المستوى من براءة وخطورة ألفيس، ابن الثمانية عشر عاماً. لكن شخصيتي أيضا تتسم بالعفوية. ساعد في ذلك، ان عائلتي كانت فقيرة جداً عندما كنت في الثامنة عشر في أيرلندا. لذا فقد تفهمت حالة الحرمان ومعنى النضال للحصول على الأشياء. ألفيس اشترى بيتاً وسيارة كاديلاك لأمه. وأنا اشتريت لأمي بيتاً من أول أجور تقاضيتها». ويتابع: «إن تمثيل ألفيس يبدأ من القلب أكثر من أي مكان آخر. فعليك أن تحب قصته، وان تحب متعته فيما يود فعله، وأن تشعر بالإعجاب إزاء حبه للعائلة وللمقربين إليه. كانت لديه طاقة فطرية تشع على من حوله، وطبيعته تلك هي التي جعلت منه ظاهرة استثنائية. كان لديه اسلوب سهل ممتنع في التحكم بالأشياء، لم يقدم ألفيس إطلاقاً على أي فعل بدون التدبر فيه، لكن أفعاله تبدو مع ذلك طبيعية وتلقائية». استبدل ريس مايرز لهجته الايرلندية القوية باللكنة الممطوطة لبريسلي القادم من الميسيسبي، بأن كتبوا له أولاً النص بالكلمات كما تلفظ، ومن ثم بالتدريب المستمر. ويتذكر: «بمجرد أن يبدأ التصوير فإنني أعيش الدور، وأبقى فيه، لدرجة أن مضيفة الفندق كانت تعلق على لكنتي عندما أطلب منها الافطار بصوتي المشابه لصوت ألفيس». ثمة فائدة أخرى من التعاون مع أصحاب ممتلكات بريسلي، وهي الفرصة التي أتيحت للمسلسل ليكون أول سيرة لحياة بريسلي على الاطلاق يتم تصويرها في جريسلاند، منزله الفخم في ممفيس، بولاية تينيسي. يقول ريس مايرز: «ذهبت أولاً لزيارة مثواه الأخير، وبقيت وحدي لنصف ساعة. كان يجول في خاطري دائماً أن من واجبي استئذانه على الرغم من كونه متوفى». يشير رايس إلى ان التجوال في البيت ساعده في أن يشعر بارتياح أكثر في دوره. ويتذكر: «كنا في منتصف الفيلم، وخشيت أن أفقد صوابي. كنت أتساءل (ما هذه الورطة؟ لا شك انني مجنون). لكنني ارتحت بعد رؤية تلك الاسطوانات الذهبية، والمكان حيث عاش. والطريف ان جريسلاند لم يكن منزلاً كبيراً كما كنت أظن!». تنتهي أحداث المسلسل قبل تسع سنوات من موت بريسلي، وثمة أقاويل بأنه قد يطلب من ريس مايرز أن يستأنف دوره في جزء ثان من المسلسل، يغطي السنوات الأخيرة من حياة المغني. لكن ريس مايرز يقول: «لست متأكداً إن كنت سأقوم بذلك، لا تعجبني فكرة تصوير حياته تلك.. لأن ألفيس أكثر جمالا وحيوية مما رأيناه في سنواته اللاحقة». (ينشر بالتنسيق مع نيويورك تايمز)