في مساء يوم الأربعاء الموافق 15/6/1432ه فاجأني المذيع من الاذاعة السعودية بخبر وفاة الشيخ الأديب عبدالله بن محمد بن خميس وأنا في طريقي إلى الدرعية لزيارة استطلاعية واستمر المذيع في حديثه عن سيرة حياة ابن خميس من تاريخ ولادته إلى تاريخ وفاته وكان الخبر مفاجئاً ومؤلماً ومحزناً لي ولمن يعرفه رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. فهو علم بارز من رواد الأدب والشعر والتاريخ وله نشاطات متعددة يدركها المواطن عبر وسائل الإعلام المختلفة وبانتاجه المتميز احتل مكانة مرموقة في الدولة ونال جوائز ثمينة، فالحديث عن الشيخ عبدالله بن خميس يعجز عنه الوصف لأن حياته مليئة بالعطاء فرحيله خسارة على الوطن خصوصاً في المجالات الثقافية والعلمية والأدبية والتاريخ والتراث فهو المؤسس لجريدة الجزيرة والتي تعتبر من كبريات الصحف السعودية جاء في وقت كان المستوى العلمي والثقافي لدى الرأي العام ضعيفاً فبرز بعطائه وانتاجه وأفاد مجتمعه، عمل كعضو فاعل في مجاميع علمية بالقاهرة وبغداد وفلسطين وحظي بتكريم المملكة العربية السعودية له إذ منحته جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1403ه كما قلدته وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى وجائزة الجنادرية ليكون الشخصية الثقافية لمهرجان الجنادرية السابع عشر عام 1422ه اضافة إلى الجوائز التقديرية التي حصل عليها من بعض رؤساء الدول وحصوله على العديد من الدروع والميداليات وشهادات التقدير في عدة مناسبات بداخل المملكة وخارجها. فمؤلفاته العديدة منتشرة في المكتبات الخاصة والعامة، عرفت الشيخ عبدالله بن خميس عن قرب عندما اسندت إليه ادارة المعهد العلمي بالأحساء عام 1373ه وأبديت رغبتي للعمل معه في المعهد على وظيفة مراقب فرحب وحقق رغبتي فاكتسبت من صفاته كيفية التعامل مع الناس حيث لا أحمل سوى شهادة أولى متوسط وعمري في حدود العشرين سنة لأن التعليم النظامي الحديث لم يتوفر بالرياض إلا في وقت متأخر وبمدرستين مدرسة دار الأيتام السعودية والمدرسة الأهلية المسماة التذكارية فيما بعد فأجد نفسي بحاجة إلى التوجيه واكتساب المعرفة فوجدت في الشيخ عبدالله بن خميس حسن التعامل وسعة الاطلاع يقدر المشاعر لدى الآخرين وينزل الناس منازلهم فحظي باحترام العلماء والوجهاء والأعيان بالاحساء وبمحبة الطلبة وأساتذة المعهد. انشأ نادياً ثقافياً لطلبة المعهد لتعويد الطلبة على الالقاء والخطابة والابداع ويحضر في هذا النادي بعض المشائخ وطلبة العلم وبعض أولياء أمور الطلبة فتمتلئ ساحة المعهد برجال الفكر والعلم فيحصل التنافس بين الطلبة على أفضل ما يطرح. كما تم انشاء مجلة هجر بالمعهد للكتابة فيها عن بعض المواضيع المؤثرة والمفيدة لطلبة المعهد. ومما لاشك فيه بأن إدارة الشيخ عبدالله بن خميس رحمة الله عليه للمعهد رفعت من مستوى التحصيل الدراسي للطلبة للترابط والانسجام الكامل بين الأساتذة والطلبة والادارة. ومن حسناته انه وظف عدداً من المواطنين الذين هم في أمس الحاجة إلى العمل لسوء وضعهم المالي خصوصاً عند توليه لرئاسة مصلحة المياه بالرياض أجزل الله له الأجر والثواب. وما نشرته جريدة «الرياض» يوم الجمعة الموافق 17/6/1432ه من صور للجموع الغفيرة التي حضرت للصلاة عليه بجامع الإمام تركي بن عبدالله والجموع التي صلت عليه في مقبرة الشعيبة بالدرعية وكثرة المعزين لأبنائه في بيته تؤكد محبة ومكانة الشيخ عبدالله بن خميس في نفوس الناس إلى جانب الكثير من الاتصالات الهاتفية والبرقيات والفاكسات لأسرته من داخل المملكة وخارجها. رحم الله فقيدنا الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).