الفارس الملثم ، شق الصفوف بقوة ، وانطلق يعمل سيفه في المعارك مع خالد بن الوليد في معاركه ، سُجن ضرار. فأقامت الدنيا ولم تقعدها في سبيل البحث عنه ، لم تستسلم للبكاء والدموع . تعجب قائد المعارك هو ليس بالقائد السهل ، وجنده من هذا الفارس الذي يُعمل سيفه بكل هذه القدرة والشجاعة ، بحث حتى عرف أن الفارس هو خولة بنت الازور ، شقيقة ضرار. خولة صحابية جليلة ، لم يمنعها عمر بن الخطاب ولا وقف ضدها قائد الجند الشجاع خالد بن الوليد ، ليمنعها من اقتحام المعارك .. سارت ونجحت وتحقق النصر .. بقيت سيرة هذه المرأة الشجاعة ندرسها وندرّسها لأبنائنا . ومع اسمها البطولي كان اسمها الشعري .. وهي تخوض المعارك بين الرجال ، وأي رجال إنهم الجند والقادة.. رفيدة بنت سعد الأسلمية،إذا كان الغربيون يفخرون بالراهبة (فلورنس ناينتين قريل) فمن باب أولى ان نفتخر نحن برفيدة الصحابية التي سبقتها بقرون ، تلك التي رافقت النبي في غزواته ، فضمدت ومرّضت ، وساعدت كثيرا من جند المسلمين ، وأخلتهم من ساحة الحرب إلى خيمة التمريض . كرّمها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشجعها الخلفاء وهي تحارب معههم ، لم يمنعها أحد ، وما قيل إنها اختلطت بالرجال ، وما حُجر عليها ألا تركب دابة ، ولا أن تمنع من أداء مهمتها ، تلك المهمة الإنسانية الرائعة . للمرأة العربية تاريخ طويل في الحكم وفي العمل وفي خوض الصفوف ، وجاءت المرأة المسلمة فلم يقف الدور ، ولم يمنع ، وحتى هند بنت عتبة تلك التي حاربت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يغفل التاريخ دورها .. وقبل كل ذاك زنوبيا ملكة تدمر ، وكفاحها ضد الرومان ومن ثم وقوعها أسيرة لديهم .. هو التاريخ يحوي نماذج قد تعجز عن حمل محتواه كتب وصحائف بما في ذلك الحاسوب.. أسطر مضيئة بالجهد والكفاح ، وأسطر بهية بالعلم والمعرفة .. حتى وصولنا لما نحن فيه الآن .. رغم مرور عصور قد تكون مظلمة في الجزيرة العربية ، حدّت من حركة المرأة كما حدّت من حركة الرجل ايضا إلا أن المناطق النائية من حضر وبادية كانت بمنأى عما يدور في بعض المدن ، فالمرأة تزرع وتحصد وتبيع الغلة ، كما كانت في البادية ترعى الإبل والغنم ، وتذهب بها وأحيانا وحدها من مكان لآخر .. وجاءت المواصلات الحديثة فقصرت المسافة ، وكانت السيارات ليست وسيلة لقصر المسافة فقط ، لكنها وسيلة لحمل المنتج الزراعي أو مراقبة الجمال والغنم .. واستخدمتها وما زالت المرأة هناك بالريف والبادية . وطبعا لم يطاردها شرطي مرور ولا هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولسبب بسيط أن الأمر غير منكر هناك وعادي جدا. استلزم استخراج النفط وجود خبراء ومهندسين ، لم نكن نملك تلك المؤهلات ، وليس لدينا شركات بترول مؤهلة وجدت مدن خاصة بهم - وإن كنت لاأعلم عن سبب وجود مدن خاصة بهم - ، ويسكنها معهم موظفون سعوديون مؤهلون - إلا انه تلقائيا ، أمسكت المرأة الغربية المقود وانطلقت تقضي حوائجها وتذهب لعملها .. وشاركتها هذا النعيم السعوديات الساكنات في تلك المدن ومنها مدينة الظهران، ومن ثم الجبيل الصناعية ، إلا أنها في الجبيل تقلصت بعد أن جاءت الصحوة .. الشيء ذاته كان في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، خف قليلا ثم عاد لطبيعته ..هذا ما أعرفه عن الشرقية حيث اقيم ومؤكد الشيء ذاته في جامعة الملك عبدالله ، وغيرها.. إذا حسبت هذه الحسبة لدينا ، النساء في الريف والقرى (وهن اصل المجتمع ) تقود النساء سياراتهن ، في المدن الصناعية الحديثة تقود النساء سياراتهن .. فمن قاع المجتمع وأصله البادية والريف ، لم يعارض المجتمع ، كما قمته حيث هناك المثقفون من أساتذة الجامعات ، والمهندسين ، لم يعارض المجتمع ولا وقفت الأعراف ضده . إذاً أي مجتمع هو الذي يمانع ؟ فكيف يسلم المجتمع للطبيبة وفنية العلاج الطبيعي ، وفنيات المختبرات ، ولا يسلم لهن قطعة حديد تتحرك .. أخيرا خولة وهند والزباء مرورا بالعشرات وصولا للمتفوقات في العلم والأدب .. والمسجلات أسماء من نور في كل مكان . كيف سلم المجتمع بتفوقهن . ويسلم نفسه لهن ؟ إن منع المرأة من القيادة ليس ازدراء بها ولا خوفا عليها ولا تقليلا من كفاءتها كثر ما هو الخوف من الرجال في المجتمع ، وما قد يسبب ذلك من غواية .. فهل يا ترى نحن في مجتمع لا همّ له إلا أغوني لأغويك... عفوا لاتقتلوا خولة فينا، ولاتمزقوها ، ولا تعلقوها جثة في ساحات المدن ..