ليس أمراً غريباً على منتصر في الانتخابات ان يستمتع بشهر عسل حتى ولو كان قصيراً. ولكن بعد ثلاثة أيام من الانتخابات العامة في بريطانيا التي منحته فترة ثالثة كرئيس للوزراء يواجه توني بلير نقاشاً عريضاً حول فترته المقبلة. وتكاد تكون كل الصحف البريطانية الصادرة يوم الأحد قد خصصت صفحاتها الأولى لموضوعات وسؤال حول ما إذا كان بلير سيفي بوعده بالتنحي قبل موعد الانتخابات القادمة ليفسح المجال أمام وزير المالية غوردون براون. وعلى شاشات التلفزيون حفلت برامج الحوار بنقاشات حادة بين خصوم بلير في حزب العمال الذين شرحوا وجهة نظرهم تجاه مطالبتهم له بالتنحي وبين مؤيديه المطالبين باستمراره في المنصب لثلاث سنوات على الأقل. وقال روبن كوك وزير الخارجية السابق في حكومة بلير والذي استقال من منصبه بسبب الحرب على العراق والذي برز كصوت قوي ضد بلير «الكل في الشارع يعرف بأننا قد فزنا هذه المرة ليس بسبب شعبية بلير». وكان حزب العمال قد حصل على 646 مقعداً في البرلمان يوم الخميس الماضي مسجلاً أغلبية ب66 مقعداً وهي أقل من نصف الأغلبية التي حققها في السنوات الثماني الماضية (160 مقعداً) ولكن برغم حقيقة ان بلير يعتبر أول زعيم عمالي يفوز بفترة رئاسية ثالثة إلا أن معارضيه مثل كوك يعتبرون ان الحزب قد فاز رغم انف بلير وليس بسببه. السؤال الذي يجب ان يفكر فيه بلير ملياً خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع بعد أن ضمن مكانه في تاريخ حزب العمال وتاريخ بريطانيا ما إذا كان الوقت قد حان لكي يفسح الطريق أمام زعيم جديد يمكن ان يحقق وحدة الحزب إذا كان يريد التقدم إلى الأمام كما قال كوك ل«بي.بي.سي». الشيء الغريب والمثير للدهشة هو ضراوة واتساع رقعة الهجوم على بلير عقب فوزه مباشرة. وقال بيتر هاين أحد الوزراء في حكومة بلير «اعتقد ان فكرة مطالبة الناس فجأة برأس بلير بعد ساعات من فوزه بفترة تاريخية ثالثة وتسليم المحافظين إلى نتيجة مروعة وهزيمة ثالثة على التوالي مجرد نزوة». وكان بلير - 52 - قد قال بأن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة بالنسبة له ولكنه قال ايضاً بأنه سوف يكمل فترته. وصرح أحد الناطقين باسم بلير بأنه «لا يوجد تغيير» في هذا الموقف. القضية التي برزت منذ إعادة انتخاب بلير هي ما إذا كان حزب العمال يعاني من تصدع بعد الشكاوى التي صدرت من الناخبين ضد زعيمه وما إذا كان معارضوه من داخل الحزب قد اصبحوا قادرين على الاطاحة به. وقال فرانك دوبسون وهو وزير عمالي آخر سابق لتلفزيون (آي.تي.في) لا اعتقد بأن رؤساء الوزراء قادرون على الاستمرار في مناصبهم إذا كان جزء أساسي من الحزب يعتقدون بأنه من اللائق لهم الاستقالة. وتنتمي الكثير من الأصوات المعارضة مثل دوبسون إلى كتلة وزير المالية براون الذي لم ينفصل عن بلير خلال الحملة الانتخابية الأخيرة والذي يقال بأن الفضل يعود إليه في النتيجة التي حققها حزب العمال في هذه الانتخابات. وتشير الحزازات العامة إلى ان التناغم بين بلير وبراون ربما يكون قصير الأجل. ومن المقرر ان يتولى بلير رئاسة الاتحاد الأوروبي هذا العام. وستكون علاقة بريطانيا بأوروبا اختباراً حاسماً بالنسبة له إذا صوت البريطانيون على استفتاء الدستور الأوروبي في عام 2006. ويقلل معاونو بلير المخلصون من حملة المنشقين ضده وطالبوا نواب الحزب بالالتزام. (نيويورك تايمز خاص بالرياض)