لا نستغرب عندما نعلم أن معظم الأشخاص يهتمون كثيراً بقيمتهم في أعين الآخرين وأن معظم أفعالهم وأقولهم ترمي إلى زيادة مساحة تواجدهم وإثبات أنفسهم لدى عامة الناس، ولأن التعليم من الأمور الهامة التي يُبنى عليه مجتمعنا بأكمله وعصب لتطور البلاد وازدهارها، به تعلو همم الرجال، وبه ننال المكانة . إلا أن وقوف الكثير في طريق تقدمه يجعل أمامنا عقبة هائلة ، لأن تلك الأفعال التي عادة ما يرمي من ورائها معظم من يُعارض التطور والتي تصب في المقام الأول لكسب شعبية شخصية لا تعادل مطلقاً الأفعال الذكية التي تصب في صالح الوطن ونقع مع كل ذلك بين خيارين بين إبداء اهتمامنا الأكبر لمن يريد تأييدنا والتصفيق له ليزداد عدد من يناصر رأيه وبين ضمائرنا . ولأنني يامعالي الوزير أجد أنه لا يمكن أن أكون بلا ضميري أولا، ولأن التعليم باب شُرع لنا منذ نعومة أظفارنا تزودنا منه وانتمينا له وظيفياً فهو هام بأهمية وطني فارتباطه ببلادي كبير حيث إن منه تنطلق تنمية البلاد وتطورها . وبين التعليم وبيني الآن قصة كبيرة : مازلت أذكرها ( زينب تمشط شعرها ) و ( زرع ) و ( حصد ) منذ سنوات طويلة وذلك الكتاب ( كتاب الهجاء ) الذي كان يُسمى حينها، قائم وكأنه اعتقاد أننا لا نتعلم إلا به ولا نعرف لغتنا إلا من خلاله دراسته في سنواتي الست الأولى ، ومضت السنين ودرسته أجيال بعدي كلها كانت بذات التفاصيل وبذات المعلومات وحين تم إقرار وتطبيق منهج ( لغتي ) للصف الأول ابتدائي كانت تلك الشخصيات المعارضة تحط في كل اتجاه تحسباً لأفكار قد يحملها ذالك المنهج المطور الذين لم يأخذوا من كلمة تطوير إلا الظاهر منها وكأنه خروج عن المألوف وتسمم أفكار النشء ، ومع تجربة ذلك المنهج بين صفوف الطلاب والطالبات أثبت نجاحاً كبيراً ومستوى يفوق التصور وتخطينا عقبة كتاب الهجاء الذي ظل لسنين طويلة وهو المنهج المقدس والذي لا يتم التعليم إلا به . وبعد ذلك حظيت معظم المناهج بالتطوير الذي يكفل للطالب والطالبة التفكير والتدبر والربط والاستنتاج لبعدها عن ما تم الاعتياد عليه من عملية الحفظ والتلقين فغزت أفكارهم ومواهبهم خارج البلاد فمثلوا وطننا بعدد من الاختراعات والمواهب التي صُقلت برعاية ولاة الأمر أولاً لتلك الفئة ، ولاهتمام الوزارة بمنهجية التعليم وما يشمله ، وبمن يعدهم داخل الميدان من معلمين ومعلمات . ومع القرارات المتلاحقة في إدخال واعتماد مواد دراسية تصب في جانب تنمية الطالب والطالبة ذهنياً ومهارياً نجد ذلك الضجيج يعلو مجدداً والذي بدأ منذ إقرار مادة اللغة الانجليزية للصف السادس الابتدائي حين كان الاعتقاد السائد أبان معالي وزير التربية والتعليم السابق محمد الرشيد هو غربلة التعليم التي قد تطال بعض المسلمات والثوابت . ومع كل تلك الاعتقادات تم إدراج مادة اللغة الانجليزية كمادة أساسية للصف السادس ولم نشهد تلك الغربلة التي ادعوها حينها ولم يتجرأ أحد على المساس بثوابت الدين عملاً ومنهجاً ولا المساس بأخلاق أبناء المجتمع السعودي وإن تعلموا لغة غير لغتهم الأساسية .. معالي وزير التربية والتعليم : كل ما انقله الآن مررنا به كأولياء أمور أولاً وكمنتمين للتعليم ثانياً منذ اللحظات الأولى ، فالاختلاف في تقبل المجتمع وارد ولكن البناء إن تم على أساس متين سيصمد ولن يزول أو يسقط عند أول هبة ريح من معارض أو ممن ينتقدون الأشخاص أو ممن لا يربطهم بمؤسسات التعليم رابط يجعلهم يتحدثون من واقع خبرة ميدانية ونتائج تحصيلية على مدار السنوات الماضية ، وما اقصده أن ما يصب في مصلحة الطلاب والطالبات من تطوير للمناهج وتغيير طريقة التعّلم من التلقين والحفظ إلى الاستنتاج والحوار والمشاركة ننشده منذ زمن ونعمل على دعم كل من هم بالميدان من أجل تذليل ما يعترضهم من صعوبات مرتبطة بالبيئة التعليمية وما تتطلبه تلك المناهج من وسائل تعليمية . ولذلك أجد أن قرار إدراج تدريس اللغة الانجليزية للصف الرابع الابتدائي طريق بعون الله إلى تطوير أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات وطريق لإيجاد جيل واع مدرك لأهمية أن يتعلم مختلف العلوم والمعارف التي تبني ثقافته منذ الصغر. فمن تعلم لسان قوم أمن مكرهم ، وهذا ما ننشده من خلال تعليم اللغة الانجليزية وليس التغريب كما يدعي البعض أو نسيان لغتنا الأم لغة القرآن الكريم فهي الأساس تحدثاً وتعاملاً ومعظم المناهج الدراسية تُعطى باللغة العربية . هناك الكثير مما ننشد في التعليم وانطلاق التغيير في المناهج الدراسية دلالة على الاتجاه بالطريق الصحيح لتطوير التعليم بما يتناسب مع متغيرات العصر الحديث فالعالم الآن يتقدم خطوات كبيرة باتجاه القمة فلا نريد أن نتخلف عن الركب إيماناً بأن الأجيال المستقبلية لن تُساهم في بناء مجتمعنا مالم تُبنى عقولهم ومهارتهم وهم على مقاعد الدراسة .. معالي وزير التربية والتعليم لعل الانطلاقة منكم بما يكفل لبلادنا ازدهارها فبالتعليم فقط نبني عقول أبنائنا ونوجههم بالاتجاه الصحيح ونأخذ بأيديهم ليكونوا عونا لقادتنا وبلادنا نحو البناء والتقدم والتطور وإيصال وطننا نحو العالمية فانطلق على بركة الله ونحن معك .. * مديرة الإشراف التربوي لمدارس الأبناء بقاعدة الملك خالد العسكرية