الحب الصحيح كالحمل الصريح (وليس الكاذب) لا يمكن ان يكتم.. الحامل سوف ينتفخ بطنها ويفضح سرها، إن كانت تريد اخفاءه.. وقبل انتفاخ البطن هناك أعراض أخرى أهمها (الوحام)! والحب الصادق يبين في التصرفات والعيون والآهات والشجون والسرور مع الاضطراب في محضر الحبيب.. يقول الشاعر ابن سهيل: ولقد كتمت الحب بين جوانحي حتى تكلم في دموع شؤوني هيهات الا تخفى علامات الهوى كاد المريب بأن يقول: خذوني! ومن الشعر المشهور الذي شدا به المغنون: لي في محبتكم شهود أربع وشهود كل قضية اثنان خفقان قلبي واضطراب جوانحي ونحول جسمي وانعقاد لساني والمحب المتيم جداً ينعقد لسانه فعلاً بمحضر محبوبه فللجمال سطوة وللحب قوة عجيبة تطرح أقوى الرجال: أهابك اجلالاً ومابك قدرة علي، ولكن ملء عين حبيبها وللهذلي: فما هو الا ان أراها فجأة فأبهت حتى لا أكاد أجيب ولشاعر آخر (محب مسكين): أفكر ما أقول إذا التقينا وأحكم حجج المقال فترتعد الفرائص حين تبدو فانطق حين انطق بالمحال! وجمال المحبوب يروع: راعني منظره لما بدا ربما ارتاع بالشيء الحسن ومن علامات الحب الظاهرة (الغيرة) ولكن المرأة لا تصرح بها إلاّ نادراً رغم أنها أشد غيرة من الرجل، لأنها ترى في الغيرة جرحاً لكرامتها، واعترافاً بنقصها ووجود من تتفوق عليها ومع هذا باحت بعض النساء بالغيرة بشكل قوي ومدوٍ وصريح كقصة بنت الحاج: أغار عليك من عيني ومني ومنك ومن زمانك والمكان ولو أني خبأتك في عيوني إلى يوم القيامة ما كفاني وقصة (زليخة) زوجة العزيز مع يوسف عليه السلام أبلغ دليل على استحالة كتم الحب العنيف! ويزعم جميل بثينة أنه سيكتم حبه لبثينة في بيت من الشعر مضحك: لا.. لا أبوح بحب بثنة إنها أخذت علي مواثقاً وعهوداً فقد باح بحبها صراحة في نفس البيت الذي يزعم فيه أنه لن يبوح بحبها أبداً.. وهذا نوع من الحماقة تصيب المحبين، وبين الحب العنيف والحماقة صداقة.. فهل لم يخلق الله إلاّ هذه المرأة أو هذا الرجل حتى يموت العاشق أو العاشقة غراماً وهياماً بفرد واحد؟ ولكنه الحب فيه شيء من الحماقة المحببة لأصحابها أو أنهم مجبورون عليه وعليها، وكلاهما - الحب والحماقة - لا علاج له: لكل داء دواء يستطب به إلاّ الحماقة أعيت من يداويها غير أن داء الحب علاجه في صيدلية المحبوب، فحين يكون الرجل مجنوناً بامرأة فليس سواها من يشفيه من جنونه بعد الله. وحين تجن المرأة حباً برجل فإن زواجها منه يعيدها إلى العقل!