ظاهرة خطيرة بدأت تنتشر في مزارع المنطقة الشرقية تتمثل في سيطرة مجموعات من العمالة الأجنبية وخصوصاً الآسيوية وبعض الجنسيات العربية على استئجار واستزراع وتشغيل مزارع قائمة ومنتجة من قبل كفلائهم أو عن طريق التستر عليهم مقابل مبلغ سنوي مقطوع. ورغم ما قدمته الدولة للمواطنين من دعم من خلال السياسة الزراعية التي استهدفت دعم الانتاج الزراعي بتطبيق أنظمة الإعانات وتقديم القروض وتحققت معدلات نمو عالية في هذا القطاع الأمر الذي يعني قدرة هذا القطاع على العطاء وإيجاد مصدر دخل جيد وفرص عمل كبيرة إلا أن ذلك بدأ يتراجع في بعض المناطق.. وتنتشر هذه الظاهرة في «محافظة القطيف» ولوحظ بأن العمالة الأجنبية هي المستفيد الأول من مدخول المزارع وخصوصاً المزارع الصغيرة التي تمتلكها أسر وليست شركات زراعية. ويرى بعض ملاك هذه المزارع بأن جيل الشباب الجديد يرفض العمل في حقول المزارع وأصبح يفضل التعليم العالي والبحث عن وظيفة مهما كان دخلها وكم من الشباب الذين رفضوا العمل في مزارع أسرهم وفضلوا البطالة أو العمل في وظائف مهنية لا تدر عليهم مردودا ماديا يكفي لتغطية احتياجاتهم اليومية.. ويقول آخرون بأن النهضة الزراعية التي ظهرت في السنوات الماضية عانت من بعض الصعوبات التسويقية خصوصاً إن المنتجات الزراعية في المنطقة تختلف عن أي منتجات أخرى من حيث طبيعتها ومتطلباتها من الناحية التسويقية بسبب انها منتجات موسمية الإنتاج ونضج المحصول في وقت واحد وقابليتها للتلف السريع وحاجتها لخدمات مساندة من نقل وتخزين كذلك التغيرات الكمية والنوعية التي تحدث من موسم لآخر بسبب الظروف الطبيعية أو التغيرات في الدورات الانتاجية استجابة لتغيرات الأسعار فبالتالي فإن المزارعين يقومون بتسويق منتجاتهم بالطرق التقليدية كما يعاني المزارعون من عدم استقرار اسعار المنتجات الزراعية، إما بسبب المواسم وكثرة الانتاج في وقت واحد أو بسبب الإغراق للمنتجات المستوردة إضافة إلى ضعف وتواضع قدرة ملاك المزارع الصغيرة وليس لديم إمكانات النقل والشحن والتخزين لمسافات بعيدة لمختلف أسواق المملكة. ويقول البعض بأن المزارع تزرع كل موسم بنفس المنتج ولا يوجد فيه تنوع وبالتالي يصبح أحياناً سعر الكرتون المفرغ الذي يستخدم في تعبئة المنتجات الزراعية أغلى من قيمة المنتج نفسه وهذا بحد ذاته كارثة ولا يشجع على مزاولة الزراعة ما يؤدي إلى هجر مهنة الزراعة من قبل المزارعين. كما أن المزارع التي يوجد بها عمالة أجنبية تعمل بمرتب لوحظ بأنهم يسرقون الانتاج ويبيعونه لبني جلدتهم من شريطية المنتجات الزراعية الذين يحضرون إلى مواقع المزارع مباشرة بدون علم أصحابها المواطنين وذلك بأبخس الأسعار وهذه الطريقة أحد أهم أسباب تراجع أسعار المنتجات. ويؤكد آخرون على وجود تعمد واهمال لبعض المزارع بهدف تبرير استخدامها كأراضي مخططات سكنية فتجد ان النخيل قد تساقط أو تم قطعه رغم ان النظام يمنع ذلك، والبعض الآخر من أصحاب المزارع قاموا بتأجيرها على مجموعات من الشباب لاستخدامها استراحات لتجمعاتهم. ويلاحظ بأن الاهتمام قل بالمزارع لعدم وجود مشترين ففي بعض موسم الطماطم مثلا يلجأ بعض المزارعين لرميه واستخدامه كعلف للحيوانات أو يعمل منه سماد ومن هنا فإن المزارع لا تغطي تكاليفها مما يجعل البعض يؤجرها للعمال الآسيويين بمبلغ رمزي لا يذكر. ويعتقد بعض المزارعين بأن السوق تعبان بسبب إغراق المستورد للسوق المحلي مما تسبب في تراجع أسعار الخضروات المحلية وهذا انعكس على تراجع الاهتمام بالمزارع وتركها للعمالة الآسيوية تديرها وتزرعها وتسوق منتجاتها وبالتالي تجد ان مبيعات منتجات المزارع تغطي مصاريف العمال لكنها لا تغطي مصاريف المبيدات والأسمدة والمعدات الزراعية. لذلك تجد ان الكثير من المزارع الصغيرة اهملت بسبب قلة الدخل والبعض سلمها للعمالة التي يكفلها مقابل نسبة من دخل المزرعة. ويوجد شباب سعوديون يعملون في تسويق الخضروات وشحنها لسوق الخضرة لكنهم لا يسوقون لمصلحتهم بل هم يعملون لصالح عمال أجانب مقابل مبالغ محددة حيث يستخدمهم العمال الأجانب للتحايل على الأنظمة التي تمنع الأجنبي من العمل في سوق الخضروات. واتفق عدد من الشباب العامل في الزراعة على ان هناك أسباباً كبيرة جعلت أبناء المزارعين يتركون العمل في المزارع لقلة دخلها وارتفاع تكاليف اصلاحها ورعايتها العالية لذلك فضل الكثير ترك واهمال مزارعهم وتأجيرها للعمالة الآسيوية بمبالغ رمزية والبحث عن وظائف حكومية أو في الشركات والمصانع.. الجدير بالذكر بأن أهم المنتجات الزراعية في المنطقة هي: «الخضروات بأنواعها وتشمل البصل، الخس، الطماطم، البطاطس، الخيار، الجزر، الملوخية، الفاصوليا، الكوسا، الباذنجان، الطروح». والفواكه وتشمل: «الرمان، التين، التمور، الحمضيات، الخوخ، العنب، الشمام، اللوز، الكنار».. إلى جانب التمور. ولوحظ بأن العمالة التي تستأجر المزارع استخدمتها كسكن ومستودعات باستخدام وسائل بدائية لا تكلف وبدون كهرباء لتقليل التكاليف.. مما قلل عليهم كلفة الانتاج ومكنهم من إغراق السوق المحلي بمنتجات تباع بأسعار رخيصة لا يستطيع أن ينافسها فيها ملاك المزارع المواطنون وبالتالي يجعل الكثير منهم تحت ضغوطات ومساومات من مجموعات من العمالة الأجنبية الذين يعرضون على المزارعين استئجار المزارع بمبالغ بسيطة جداَ.