كان مثالا للمثقف الواعي، الجريء، وكان أن دفع ثمن ذلك رحيلا ما بين وطنه السعودية ومصر ولندن، أضف إلى ذلك معاناته بعض الهجوم الذي حاول أن ينال من وطنيته، ولكنه على الرغم من ذلك كان مخلصا لمشروعه، ومنهجه الذي انعكس على أدب الجزيرة العربية، تعريفا به، وردا له إلى منابعه الثقافية، وتياراته الفكرية، التي سادت في الوطن العربي. كان كتابه «التّيَّارات الأدبيَّة الحديثة في قلب الجزيرة العربيَّة» علامة نقدية بارزة في تاريخ النقد العربي، فاستنار به عدد من المثقفين والمفكرين والنقاد في محاولة الاقتراب من حياتنا الاجتماعية والسياسية والثقافية والأدبية، بل وتابعه عدد غير يسير من الأدباء والنقاد، فيما أنجز من تقويم، وفيما انتهى إليه من أحكام، وفيما اختار من منهج. ولعل أبرز من تابعه في وجهته الفكرية، ومنهجه النقدي عبدالله بن إدريس في كتابه «شعراء نجد المعاصرون» والأستاذ عبدالرحمن العبيد في كتابه «الأدب في الخليج» والأستاذ محمد سعيد المسلم في كتابه «ساحل الذهب الأسود» وكان ذلك مدعاة لوسمه أحيانا بالريادة والجرأة والجدية، وأحيانا أخرى بالإفساد كما روج لذلك الدكتور مسعد العطوي. لم يكن الناقد الكبير عبدالله عبدالجبار يحفل بما يقال عنه، وما تعترض طريقه من محن، فأنجز مشروعه النقدي والإبداعي عبر مجموعة من المؤلفات، من أبرزها قصَّة «أمّي» وتمثيليَّة «العمّ سُحتوت» ومسرحيَّة «الشّياطين الخرس» وكتاب «قصّة الأدب في الحجاز في العصر الجاهليّ» بالاشتراك مع محمد عبدالمنعم خفاجي؛ وكتاب «الغزو الفكريّ» إضافة إلى كتابه الأشهر المذكور آنفا «التّيَّارات الأدبيَّة الحديثة في قلب الجزيرة العربيَّة» رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته.