في الناس قدرات ومواهب ظهر بعضها على من وهبهم الله هذه المواهب، ولم يستطع بعضهم إظهار مواهبه وقدراته ونفع نفسه ومجتمعه بها، ومنع بعضهم من إظهار مواهبه تحطيم المجتمع له. وفي الصغار توجد الكثير من المواهب والقدرات الخفية، أو التي لم تفعل في مجالها وفنها الخاص بها، مما أدى إلى موت الموهبة واندثارها، ولا لوم على هذا الصغير أو الشاب الذي فرط مجتمعه في تنمية موهبته والاستفادة منها. ولو زرت احدى المدارس الابتدائية في المدن أو القرى واستمعت إلى الاذاعة الصباحية لرأيت قدرات في فن الإلقاء والخطابة وكتابة النصوص تنتهي هذه القدرات بانتهاء الطابور الصباحي وللأسف. ولو تحدثت مع الطلاب وفتشت داخل الفصول لوجدت كماً هائلاً من المواهب إما ماتت أو تلفظ آخر أنفاسها. وكذلك في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية، ففي كل مرحلة عدد ليس بالقليل من الموهوبين والمبدعين المحتاجين لمن يرعاهم ويتبنى تطوير مواهبهم ويرشدهم للطريق المؤدي للابداع في هذه الموهبة. ولو تصفحنا منتديات الانترنت ودخلنا المنتديات المعروفة بتواجد الشباب ورأينا تصاميمهم ومقالاتهم وحواراتهم لوجدنا ما يسر الخاطر ويعجب الناظر. ومما يؤسف ويدمي القلب غياب الموجهين من آباء ومعلمين عن تنمية المواهب لدى النشء وعدم التحفيز والتشجيع للمبدع والموهوب من هؤلاء النشء. ومما يؤسف أكثر استخدام الشباب هذه المواهب فيما يعود علينا وعليهم بالضرر في ديننا ودنيانا، كتفعيل موهبة الاخراج والمونتاج والتصميم في لقطات ومقاطع التفحيط، فمن رأى مثل هذه المقاطع واللقطات علِم علم اليقين أن عندنا مواهب وطاقات مهدرة بل مفعّلة فيما يعود علينا بالضرر. ومن الأمثلة على التطوير السلبي للمواهب أيضاً تطوير الشباب لموهبة التحفيط والتطعيس والاهتمام بالنشء الجديد وتشجيعهم على ممارسة هذه المواهب السلبية. ولو أننا بداية الأمر وجهنا اهتماماتنا جميعاً على طلاب المرحلة الابتدائية ونمينا مواهبهم في التقنية والخطابة والكتابة والأدب لأتت الجهود ثمارها ورأينا جيلاً مميزاً يعود علينا بالنفع والحرص على النفع المتعدي والمصلحة العامة. وختاماً: علينا أن نتعلم كيف نتعامل مع الموهوب والمبدع ثم نتعلم كيف نطور موهبته وابداعاته ومن لم ينم موهبة نفسه فلن ينمي موهبة غيره.