لست سياسيا، ولا أحب الحديث في السياسة، ولذا أركز كثيرا على كل ماهو رياضي دون أن أغفل العلاقة مع الجهات الأخرى حسب نوع القضية. والأكيد أن الرياضة نجحت في الكثير من المناسبات لحل أزمات أو (تجاوزها)، ولا يخفى عليكم التقاء منتخب أمريكا مع إيران في كأس العالم 1998 وكيف أجج السياسيون الوضع خارج الملعب، وحينما حانت ساعة الصفر أدى المنتخبان واحدة من أجود المباريات على مستوى التعامل ، حتى أن الدولتين رغبتا في مباراة ودية تغير من نمط العلاقة (السياسية) بينهما. ومواقف أخرى في عدة مناسبات أكدت مدى تأثير الرياضة (إيجابيا) في تخفيف حدة التوتر، ربما إلى مستوى (حقن) الدماء وتوحيد الصفوف مثلما واكب فوز العراق بكأس آسيا عام 2007. ولن أبالغ، فالعكس موجود وهناك من يؤزم الأوضاع من خلال الرياضة أو يقحمها في غير مالها أو يعبث بأمور أخرى دينية واجتماعية بسبب التعصب والميول. وحينما تنامت مشكلة لعب الأندية السعودية الاتحاد والهلال والشباب والنصر في إيران ضمن مباريات الإياب في دوري أبطال آسيا بعد أن أطلت السياسة (بمصالحها)، واكب ذلك تحركات رسمية بين الاتحاد السعودي والاتحاد الآسيوي والاتحاد الإيراني قبل شهر من موعد المباريات. وأسفرت المخاطبات والتصريحات عن (ضمانات) من الاتحاد الآسيوي كانت بمثابة تهدئة الأوضاع، لكن وقبل 24 ساعة من مباراة الاتحاد استجدت أمور تثير القلق بتصعيد إيراني على الصعيد الرسمي ، وكان لابد أن تكون ردة الفعل الرسمية من الجهات العليا بالمحافظة على أبناء الوطن، وعايشنا تسع ساعات بين مد وجزر المشاركة من عدمها. وبدوره تحرك الاتحاد السعودي لكرة القدم مجددا وأوضح كافة الإجراءات المتبعة وما وصله من ضمانات، والأنظمة (الدولية) التي تفرض الانضباطية والتقيد بها وما يترتب من عقوبات صارمة وحازمة ورادعة حد الإيقاف دوليا بحق من يخل بها. وإزاء ذلك جاءت الموافقة النهائية من الجهات العليا التي تستقي معلوماتها في شأن سياسي بحت، مع اليقين بإدراكها تماما بمختلف الجوانب وتفهمها لذوي الاختصاص. وهنا أضيف بأن الاتحاد الإيراني – كأي اتحاد رياضي - أكثر حرصا على سلامة أية وفود رياضية تلعب مع أنديته، وبالتالي ستكون الحكومة الإيرانية – كأي دولة – منسجمة مع الأنظمة الرياضية التي لها قوانينها الخاصة، وفي هذا المقام للتو عاشت الحكومة الإيرانية تجربة مريرة حينما حلت اتحاد القدم بعد إخفاق المنتخب في كأس العالم الأخيرة، فبادر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وأوقف نشاط إيران الرياضي واشترط عودة رئيس الاتحاد «المعزول» وأن تقام الانتخابات في وقتها، وإلا لن يكون لإيران أي وجود رياضي دوليا وقاريا ، فانصاعت الحكومة الإيرانية. وهنا أعيد وأكرر بأن من يخل بالأنظمة الرياضية مصيره من أعلى سلطة رياضية (كأنه لم يكن)..!! هذا العمل من صميم قوانين وأنظمة الاتحاد الدولي، وهذا مايجب أن يفهمه من يذهب إلى الضغط على الأستاذ محمد بن همام أو استعطاف بلاتر لاستثمار انتخابات (الفيفا) القادمة، هذه معركة مختلفة لاتتصل بقوانين عامة تطبق من قبل المكتب التنفيذي أو لجان مختصة. بقي أن أقول إن نجاح مشاركة الاتحاد والهلال يجب أن تعزز في المسؤولين الحرص على تطبيق نفس الإجراءات مع الشباب والنصر هذا الأسبوع. أما مايحدث في المدرجات الإيرانية من شعارات وهتافات فهي شيء مألوف منذ الأزل، ويجب ألا تشغلنا عن اللعب المثالي والاهتمام بالفوز.