في حوارين تلفزيونيين خرج لاعب النصر حسين عبدالغني مؤخراً متهماً الإعلام بالتربص به، وتهويل أخطائه، ليس فقط بعد ارتحاله للنصر، بل منذ بداية مشواره مع الكرة في النادي الأهلي حيث بدأت الحملات ضده -بحسب زعمه- منذ الموسم الثاني له في الملاعب، لافتاً إلى أنه يدرك تماماً بأن الميول تلعب دوراً في تلك الهجمة التي يتعرض لها. عبدالغني لم يكتفِ بذلك بل كشف عن امتلاكه لأرشيف ضخم وصفه بأنه "موسوعة" من المقالات السلبية التي كتبت ضده، لكنه في الوقت الذي يعلق أسباب استهدافه كما يرى على مشجب الميول، وقف عاجزاً عن الرد على السؤال الجوهري. لماذا حسين عبدالغني تحديداً من بين سائر النجوم المحلية الذي يتعرض لمثل ذلك النقد الحاد، فبهت واكتفى بالقول: لا أعرف السبب. حسين في حواريه لم يغالط الحقيقة في كثير من المسائل، لعل أهمها انه يدرك بأنه بات في مرمى الإعلام، وأنه لا يستطيع أن يتجمل، أو يدعي المثالية ليظهر أمام الرأي العام بصورة البطل، كما في رفضه مصافحة رادوي، مشدداً على أنه شخص صادق مع نفسه، ولا يحب ألا أن يظهر بصورته الحقيقية، لكنه ورغم صدقيته في هذه المسألة لم يعترف بأنه -بالفعل- قد نقل معه إشكالاته الدائمة وتجاوزاته المرفوضة من "ديربي جدة" إلى "ديربي الرياض". في اعتقادي أن أكثر ما كان عبدالغني صادقاً فيه هو أنه -بالفعل- لا يستطيع أن يلعب دور الشخصية المثالية؛ لأنه دور لا يليق بشخصيته، رغم أنه كثيراً ما حاول ذلك، ولعل من يرصد تعابير وجهه وتحركاته في بداية كل المباراة يعتقد بأنه سيرى وجهاً آخر له، بيد أن الدقائق الأولى ما تكاد تمضي إلا ويظهر الوجه الحقيقي له، وهو الوجه الذي لم يستطع حسين أن يجمله، لا بشارات القيادة التي ارتداها، ولا بالجماهيرية الطاغية التي امتلكها، ولا حتى بالنجومية التي حصدها بإنجازاته الشخصية التي بلغت به العالمية في غير محفل، وهي التي توجته كأحد أهم اللاعبين في تاريخ الكرة السعودية. وفي اعتقادي أيضاً أن واحداً من أهم أسباب بقاء عبدالغني في دائرة المشاكل، واستحلائه ممارسة الخروج عن النص في كل مرة يقينه بأنه مستهدف من الإعلام، وأن استهدافه إنما ينطلق من لعبة الميول، وهو اليقين الذي شوه صورة "الفتى الذهبي"، بل ومسخها في عيون من أحبوه منذ أكثر من 15 عاماً، وهو لم يزل فتى غضاً، حينما كان صاحب بصمة تأهيل "الأخضر" الأولمبي لأولمبياد "أتلانتا"، وهو اليقين الذي عززه مناصروه من المضللين له في الأهلي قبلاً، وفي النصر اليوم. أتذكر في هذا السياق أن مصوراً صحفياً كان زميلاً لنا قبل أكثر من 10 أعوام عشق عبدالغني حتى لم يكن يرى نجماً في سماء الكرة السعودية غيره، وفي وقت كان يتفنن في التقاط صوره التي ملأ بها جدران مكتبه في الجريدة، كان في المقابل الكثيرون يتندرون عليه بعد كل مشهد من مشاهد "العنتريات" التي تخصص فيها، ومن بينهم أحد الزملاء الذي كان يردد على مسامعه جملة "بس يا حسين"، مستوحياً "الأفيه" الذي اشتهر به "سعد بن عاقول" في مسلسل "درب الزلق"، حينما كان يخاطب شقيقه "حسينوه الشري" في نشوته بأرباح صفقة "قواطي" لحم الكلاب التي سوقها على أنها "لحم قبوط"، وهو تماماً ما يفعله حسين عبالغني اليوم الذي يريد أن يُسوِّق لنا مظلوميته الزائفة بعد كل الذي فعله، وطالما أراد ذلك بعد أن بلغ من العمر عتياً فليس لنا إلا أن نقول له كما قال سعد بن عاقول: "بس يا حسين"!