قال الدكتور طلال بن عايد الأحمدي استاذ الادارة الصحية المشارك ومدير ادارة البحوث في معهد الادارة العامة في الرياض ان للرعاية الصحية تعريفات ونظماً وأهدافاً أساسية من أجلها تم وضع أنظمتها وسياساتها، والرعاية الصحية أنواع، فهناك الخدمات الصحية الشخصية وخدمات الصحة العامة ولكل منهما تعريفه ومقاصده، ولأن الرعاية الصحية هي حجر الزاوية في خدمة المجتمع ، فلابد من تقييم متصل لنظامها لاسيما وأن هناك تطورات مطردة في أنماط الحياة.. واشار الاحمدي الى ان الرعاية الصحية عموماً تتطلب وضع سياسات تتضمن مجموعة من الخيارات التي تتناول التدابير العملية لمعالجة قضية أو مسألة محددة استناداَ إلى التجربة العملية أو الخبرات السابقة أو كليهما، أما السياسة الصحية الوطنية فهي تعبير عن الأهداف الرامية إلى تحسين الحالة الصحية وترتيب الأولويات بين مجموعة من الأهداف والاتجاهات الرئيسية لتحقيق تلك الأهداف، وإذا ما أخذنا المملكة العربية السعودية كنموذج في هذا المضمار نجد أنه ورد في خطة التنمية السادسة من عام 1415 - 1420ه / 1995 - 2000م أن السياسة الصحية في المملكة العربية السعودية تشمل الأولويات التالية: -تحسين الحالة الصحية للمواطنين من خلال تكثيف الجهود لتنفيذ مجموعة واسعة من الإجراءات المتعلقة بأنشطة مراكز الرعاية الصحية. -التوزيع الإقليمي لخدمات الرعاية الصحية من خلال زيادة عدد مراكز الرعاية الصحية في مختلف مناطق المملكة وإعداد خرائط سكانية ديموغرافية توضح التوزيع الإقليمي للسكان والحالة الصحية والخدمات الصحية. -تزويد مراكز الرعاية الصحية الأولية بالتجهيزات والمعدات اللازمة مثل خدمات الأشعة والمختبرات وعيادات الأسنان والخدمات الأساسية الأخرى. -ربط كل مركز صحي بأقرب مستشفى في المنطقة يمكن أن تتم الإحالة إليه. -توطين الوظائف في قطاع الخدمات الصحية من خلال زيادة قدرة الكليات الطبية والمعاهد الصحية القائمة والمستقبلية لاستيعاب أكبر عدد من الدارسين والمتدربين السعوديين وزيادة عدد برامج التدريب والإبتعاث وتشجيع القطاع الخاص لزيادة إسهامه في تقديم برامج التدريب والتأهيل للقوى العاملة السعودية. -دعم تمويل الخدمات الصحية من أجل زيادة تمويل الخدمات الصحية واتباع سياسة شمولية وتعميم الضمان الصحي للقوى العاملة. -رفع كفاءة الرعاية الصحية العلاجية باعتماد جملة من السياسات مثل زيادة عدد الأَسِرَّة في المستشفيات وتطبيق نظام الجودة النوعية لجميع الخدمات الصحية وتطوير أساليب توفير الأدوية والمستلزمات الطبية من حيث التخزين والتوزيع والاستخدام والمراقبة ودراسة البدائل الأفضل وتقييم أسلوب تشغيل الأجهزة والمعدات الصحية. وقال: إما فيما يختص بتصنيفات الخدمات الصحية، فهناك عدد من أنواع الخدمات الصحية المقدمة في نظم الرعاية الصحية على نطاق العالم، لكن أهم تلك الأنواع تتمثل في الخدمات الصحية الشخصية وخدمات الصحة العامة. الخدمات الصحية الشخصية يقصد بها تلك الخدمات الصحية الوقائية أو العلاجية أو التأهلية التي تقدم للفرد من قبل الطبيب أو من قبل المؤهلين للتشخيص والعلاج والرعاية الشخصية، وهذه الخدمات تتضمن خدمات الرعاية الخارجية التي لا تشتمل على أي رعاية إيوائية للمستفيدين وعادة ما تتوفر هذه الخدمة في عيادات الأطباء الخاصة أو التابعة للعيادات الخارجية للمستشفى أو قسم الطوارئ الملحق به أو في المراكز الصحية الأولية أو العيادات المجمعة أو في مراكز العلاج الطبي، كما تتضمن خدمات الرعاية الداخلية في المستشفيات وخدمات الرعاية الطويلة الأجل. أما الخدمات الصحية العامة فهي تستهدف حماية صحة المواطنين والارتقاء بها وعادة ما تتولى الدولة مسؤوليات تقديم هذه الخدمات. وذكر ان الدولة تعتبر هي المصدر الرئيسي لتمويل الخدمات الصحية العامة باعتبارها حقاً من حقوق المواطنين، أما خدمات الرعاية الصحية الشخصية فتتباين مصادر تمويلها من دولة إلى أخرى بالنظر إلى تكاليفها المطردة وزيادة الطلب عليها، كما تتباين أساليب تمويلها وذلك بسبب تباين الجهات التي تتحمل تكاليف نفقاتها وتتمثل في مدفوعات المرضى المباشرة مقابل الخدمة المقدمة ومساهمة الدولة وأرباب العمل والتأمين الصحي علاوة على مشاركة جهات أخرى في التكلفة. وفيما يتعلق بنظم الرعاية الصحية فاشار استاذ الادارة الصحية المشارك الى انها تتألف من مكونات هي البيئة الخارجية لنظام الرعاية الصحية التي تهدف إلى التعرف على الظروف والعوامل والمؤثرات المحيطة بنظام الرعاية الصحية، والمدخلات التي تشتمل على مدخلات نظام الرعاية الصحية على العناصر المطلوبة لقيام النظام بأداء وظائفه المختلفة، والأنشطة التي تتضمن العمليات والإجراءات التشغيلية المتخذة وأخيراً المخرجات التي تشمل معرفة النتائج المحققة عن أداء مختلف الأنشطة وقياس درجتها ونوعيتها ومستواها ، لافتا الى ان نظم الرعاية الصحية الوطنية تختلف من بعضها البعض باختلاف الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لكل بلد، لكن هناك بعض الملامح والخصائص التي تشترك فيها هذه النظم وهي الملامح الاقتصادية التي تقاس بمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي والناتج الوطني الإجمالي وتعمل هذه المؤشرات على قياس درجة الرفاه الاجتماعي وهي أيضاً من مؤشرات الأحوال الصحية بمعناه الأوسع، فكلما ارتفع المؤشر كلما كانت الأحوال الصحية في أفضل مستوياتها والعكس صحيح. على ضوء الملامح الاجتماعية والسياسية فيمكن تصنيف نظم الرعاية الصحية إلى محاور تتمثل في التركيز على صحة المجتمع بالمقارنة مع التركيز على صحة الفرد وعدالة توزيع المواد الصحية وتوفير نظم المساعدة العامة للسكان وإيجاد نظام للتأمين الصحي يحصل السكان بموجبه على الرعاية الصحية بموجب اشتراكهم في برامج التأمين الصحي. ولمواكبة التطورات المطردة في أنماط الحياة، يتطلب الأمر إجراء تقييم متواصل لنظام الرعاية الصحية الوطني على أن يكون التقييم موضوعياً شاملاً لدراسة جهود تنمية الموارد الصحية ودراسة فعالية تنظيمات الخدمات الصحية التابعة للقطاعين الحكومي والأهلي ودراسة فعالية أنشطة تقديم خدمات الرعاية الصحية ومدى ملاءمة مصادر الدعم والتمويل الحالية لنظام الرعاية الصحية وجدوى أنماط الإدارة والتشريعات الصحية. واضاف الدكتور طلال الاحمدي بأن نظم الرعاية الصحية الوطنية، شأنها في ذلك شأن أنظمة الخدمات الحكومية والأهلية الأخرى تواجه مشكلات في مختلف البلدان باختلاف طبيعتها وحجمها وخطورتها، وتتطلب حلول هذه المشكلات دراسات معمقة ضمن استراتيجيات وخطط مرسومة. وفي نفس هذا السياق، أشار المجلس التنفيذي لجمعية الصحة العالمية إلى أن نظم الرعاية الصحية الوطنية في معظم الدول النامية تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية والمادية وبالتالي يترتب على ذلك نقص في بعض الخدمات الصحية، وهناك دول لا يتوفر فيها أي نوع من الرعاية الصحية بينما دول أخرى تتركز الخدمات الصحية فيها على المدن فقط في الوقت الذي أن أغلب المشكلات الصحية تتركز في القرى والأرياف. وقال: من هذا المنطلق يمكن القول أن أهم مشكلتين في نظم الرعاية الصحية الوطنية تتمثل في انخفاض مستوى فاعلية هذه النظم وارتفاع تكاليف تقديمها، كما أن من أهم مشكلات نظم الرعاية الصحية في البلدان النامية سوء توزيع القوى العاملة وضعف الإمكانيات المادية المخصصة لقطاع الرعاية الصحية وعدم ملاءمة التخطيط الصحي لخدمات المستشفيات. أما في الدول المتقدمة فإن التخصص المفرط في العديد من المجالات الطبية والزيادة في أعداد المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى فاقا الاحتياجات الفعلية لكل منهما وأن استخدام خدمات المستشفيات قد ارتفعت معدلاته ارتفاعاً لا يمكن تبرير ضرورته الطبية. هذا ويمكن القول بأن بعض المشكلات التي تواجه نظم الرعاية الصحية في الدول النامية من ناحية عدم رضا المستفيدين من خدماتها الصحية تتمثل في الارتفاع المستمر في أسعار الخدمات الصحية ومستوى تقديم هذه الخدمات ونوعيتها وسوء العلاقة بين أفراد المهن الطبية وبين الجمهور وعدم كفاية المنشآت الصحية.