المصور الفوتوغرافي هو الفارس المجهول الذي يوثق تاريخ وحضارة وتراث المملكة المصوّر ، وينقله للأجيال القادمة ، ويحفظ الآثار الآيلة للاندثار من التناسي والنسيان عبر توثيقها بالصور ، حيث لم تعد المعلومات المكتوبة هي المرجع الوحيد للتاريخ بل الصور تعتبر مرجعا وثائقيا لا يقبل الشك أو التزوير .. فكما كان الشاعر يوثق ديوان العرب الذي يحفظ تراثهم وقصصهم وحروبهم وتاريخهم ، فالمصور الفوتوغرافي كذلك يحفظ للوطن تراثه ويصور جمال قراه ومدنه النائية الغائبة عن أعين وأقلام الكثيرين في مملكتنا المترامية الأطراف .. وهناك العديد من المصورين الذين لهم تجاربهم في هذا المجال ، وستستعرض تجربة ثلاثة منهم بدؤوا في منطقة رجال ألمع وهم الفنانين عادل السقاف ، عبدالله آل شجاع ، عبدالله الدويح .. يبدأ عبدالله الدويح بالحديث عن منطقة رجال ألمع بقوله : رجال ألمع هي من أجمل محافظات منطقة عسير وتبعد عن مدينة أبها حوالي 80 كم وترتبط هذه المحافظة بمدينة أبها عبر منفذين هي عقبة الصماء وعقبة ضلع وتتميز بتنوع في المناخ والتضاريس فمن الجبال الشاهقة التي تتسم بالجو البارد الى الأودية التي تتسم بالدفء إلى السهول الساحلية المتمثلة في الحريضه وخور الحريضه ، ويقام في رجال ألمع الكثير من المهرجانات فمنها مهرجان العسل ومهرجان الربيان وهي تقام بشكل دوري في كل عام وبها المتحف الذي يضم الكثير من المباني التراثية وبعض المقتنيات التي كانت تستخدم في حقبة من الزمن وكذلك المسرح الروماني الذي يقام فيه الاحتفال السنوي لقبائل رجال المع فن وتاريخ وحضارة عبدالله الدويح ويأخذ عادل السقاف دفة الحوار بقوله : قمنا أنا وزملائي عبدالله آل شجاع الألمعي وعبدالله الدويح بتجربة رائعة في تصوير محافظة رجال ألمع وذلك بالقيام بعدة رحلات إلى المنطقة في مواسم مختلفة ، وكان الهدف منها إبراز جوانب مختلفة من تلك القرية الصغيرة وحظينا بتجربة مثيرة وجريئة إذ تتجاوز النقل التوثيقي إلى البُعد الوجداني والبصري للمكان المراد تسليط الضوء عليه. وتقديرا لمحافظة رجال ألمع وقيمتها التاريخية والحضارية الضاربة في القدم حرصنا على استعراض نواح مختلفة ( ثقافية، اجتماعية، أثرية، معمارية، تاريخية، مناخية وطبيعية) ومن وجهة نظري كفوتوغرافي أن الصورة الحقيقية هي التي تبرز الموروث الحضاري والشعبي ضمن موضوعها دون تجاهل تأثير التاريخ عليها وكذلك النواحي الجغرافية التي تحيط بها وهذا ماعملنا به. عادل السقاف كانت تلك الأسباب إضافة إلى حب الصورة وثقافة الفوتوغراف والهواية، تجشمتُ عناء الرحلة إلى رجال ألمع قبل عدة أشهر بصحبة زملائي آل شجاع والدويح وهم من أبناء المنطقة الخبيرين بمداخلها ومخارجها وسهولها وجبالها معتمدين على الرغبة الكبيرة من قبل المحافظة في الظهور بأفضل حلة بمهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة، الذي يزوره مئات الآلاف كل عام حيث تتوج جناح معرض رجال المع الفوتوغرافي بحضور حافل لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العليا للسياحة اللذين ابديا أعجابهما بما احتواه المعرض ويضيف : بعد تكليف محافظ رجال المع سعادة الأستاذ محمد المتحمي لنا بالتوجه إلى رجال ألمع، بعد أن رسمنا استراتيجية الحركة في الزيارة الأولى التي أستطلعنا من خلالها تحديد الأماكن الهامة وأخذ الإذن من سكانها وتحديد آلية العمل فيها ومعرفة المعدات التي سنحتاجها فيها، وبعدها اعتمدنا على إظهار جوانب الطراز العمراني والمنظر الطبيعي دون أن نغفل ما يتعلق بحياة الناس من العادات الاجتماعية والآلات التي تستعمل في الحياة اليومية. عبدالله الشجاع أسماء وأماكن ويضيف عبدالله شجاع القرى التي تم زيارتها والتصوير منها : قرية ثاه ، مركز حسوه ، جبل حسوه ، قرية بني جونه ، وادي الصلي ، مركز البتيله، شاطئ الحريضه، وادي الميل، وادي رحب، وادي الصيق، وادي محليه، وادي عنين ، وادي حلي ، قرية رجال المع التراثية، ومع التنقلات اليومية في أرجاء المحافظة التي تبعد عن أبها 45 كيلو متر، أخذت بعض الصعوبات تظهر خصوصاً أننا قررنا تنويع الصور، والتقاطها وفقا لمواضيعها لا وفقا لجودتها، الأمر الذي كان يلزمنا بالاجتهاد على كل موضوع بوجه خاص، والذي كان محل صعوبة لوعورة المنطقة وتنوع تضاريسها بين الجبال المرتفعة والأودية السحيقة، كما لعبت التغيرات المناخية ذات الدور وقد تعددت بين الرياح الباردة والضباب. ولم تخلو كافة الرحلات التي قمنا بها في أرجاء رجال ألمع من بعض المواقف المحرجة من قبل الأهالي الذين كانوا يتساءلون عن سبب مجيئنا بتلك الأثقال من معدات التصوير. وعلى الرغم من ذلك لم تذهب تلك الجهود هباء إذ ان المعرض منذ افتتاحه شهد اقبالاً متواصلًا كما سجل إعجاباً كبيراً لدى الزائرين من مواطنين ومقيمين واعجاباً خاصًا من الوفود الاجنبية المشاركة بالمهرجان، وتتوج جناح معرض رجال المع الفوتوغرافي بحضور حافل لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العليا للسياحة اللذين ابديا أعجابهما بما أحتواه المعرض ويعود الدويح لقص تفاصيل تلك الرحلة بقوله : بدأنا الرحلة لإبراز رجال ألمع التراث والثقافة والجمال حاملين التفاؤل لإنجاح هذا المشروع نحمل على أكتافنا عددنا من كمرات وحوامل ممتطين صهوة الكامري الخاصة بعبدالله ال شجاع والتي كانت خير رفيق فكانت هي العون بعد عون الله للتنقل في تلك المناطق الجميلة فكنا ننطلق من المكان المخصص للسكن في الصباح الباكر ولا نعود الا بعد صلاة المغرب وبشكل يومي خلال فترة إقامتنا ومن شدة الإرهاق والتعب لا نتمالك انفسنا من النوم الذي يسيطر على المجموعة ، وكان يتخلل هذه الرحلات الأهازيج والنكات للترفيه عن بعضنا البعض وكنت أنشط المجموعة فاقوم في الصباح الباكر وأعد الحليب للإفطار ثم أعاني من إيقاظ الزملاء ذوي النوم الثقيل الذي يطول الى النصف ساعة من الإزعاج والضرب ورش الماء عبدالله الدويح مواقف لا تنسى : ويقص الدويح بعض المواقف الطريفة أثناء الرحلة فيقول : طلعنا في ليلة من اليالي الى أحد جبال رجال المع لكي يتسنى لنا اخذ صورة ليلية للمحافظة ترجلت ثم لحق بي عبدالله ال شجاع وطلعنا الى مرتفع بعيد من السيارة وبدأ التصوير دام الساعة وعادل في السيارة يصارع الظلام والوحدة ولم نكن نعلم بذلك فلما عدنا الى السيارة أشهر علينا لسانه وكل هذا من الخوف الشديد على الرغم ان المكان كان آمنا ولله الحمد وموقف آخر : وفي أول ليلة كان سكننا في إحدى القرى البعيدة عن رجال المع لعدم توفر السكن في فترة الشتاء ولعدم توفر الشبكة في المكان كاد عبدالله ال شجاع ان يجن لكونه لا يستطيع ان يعيش من دون انترنت ادمان حتى الثمالة لعبدالله ومن شدة غضبه قام يمازحني في السكن فسقطت أنا وهو على الحاسب المحمول الخاص بي وانكسرت الشاشة مما كلفني 1400 ريال قيمة الشاشة المعاناة في التصوير: ويذكر الدويح المعاناة في الرحلة بقوله : كنا نقطع المسافات البعيدة حتى نصل الى الجمال الطبيعي ونفاجأ انه قد سبقنا الى المكان اخرون بعوائلهم فنعود بخفي حنين كما عانينا من عدم توفر اغراض التصوير فاستعنا باغراض بدائية وخرجت النتائج عالمية ويختم بقوله : والحمدلله لم تذهب تلك الجهود هباءً إذ ان المعرض منذ افتتاحه شهد اقبلاً متواصلًا كما سجل إعجابًا كبيرًا لدى الزائرين من مواطنين ومقيمين واعجاباً خاصاً من الوفود الاجنبية المشاركة بالمهرجان، عبدالله الشجاع عبدالله الشجاع عادل السقاف عادل السقاف